فأما ما به يعلم ارتفاع التواطؤ عن الجماعة فهو أن التواطؤ إما أن يكون واقعا بالملاقاة والمشافهة أو بالمكاتبة والمراسلة وربما تكررت هذه الأمور فيه بمجرى العادة، بل الغالب تكرره، لأن الجماعات الكثيرة العدد لا يستقر بينها ما يعمل عليه ويجمع على الأخبار به من أول وهلة، وبأيسر سبب، وما هذه حاله لا بد أن يظهر ظهورا يشترك كل من كان له اختلاط بالقوم في المعرفة به، حتى يؤدي عند عدم ظهوره إلى وجوب القطع على انتفائه وظهور ما يقع من تواطؤ الجماعة واجب في الجماعة القليلة العدد أيضا، حتى أن من خالطها على قلة عددها لا بد أن يقف على ذلك أن وقع منها، وإذا وجب ظهور ما ذكرناه فيمن قل عدده من الجماعات فهو في العدد الكثير أوجب، على أن الجماعة ربما بلغت في الكثرة مبلغا يستحيل معه عليها التواطؤ جملة، ونقطع على تعذره لأنا نعلم أن أهل بغداد بأسرهم لا يجوز أن يواطؤا جميع أهل خراسان، لا باجتماع ومشافهة، ولا بمكاتبة ومراسلة.
وأما الأسباب الجامعة على الأفعال القائمة مقام التواطؤ كتخويف السلطان وإرهابه فلا بد أيضا من ظهورها ووقوف الناس عليها لأنه ليس يجمع الجماعة على الأمر الواحد من خوف السلطان إلا ما ظهر لهم ظهورا شديدا، وما بلغ من الظهور هذا المبلغ لا بد أن يكون معروفا، فمتى لم تكن المعرفة به حاصلة وجب القطع على ارتفاعه.
فأما ما يعلم به ارتفاع (1) الشبهة واللبس عما خبرت عنه الجماعة، فهو أن الشبهة إنما تدخل فيما يرجع إلى المذاهب والاعتقادات، ويخرج عن باب ما يعلم ضرورة على الوجه الذي ذكرناه فيما تقدم، فإذا كان خبر