الجماعة عن أمر معلوم بالمشاهدة ضرورة خرج عن هذا الباب.
وقد تدخل الشبهة ويقع الالتباس أيضا في الأشياء المدركة (1) على بعض الوجوه، لأن المشاهد للشئ من بعد ربما اشتبه عليه أمره حتى يعتقد فيه خلاف الحق، كما يصيب من شاهد السراب واعتقد أنه ماء، وكذلك قد يسمع الكلام من بعد فيشتبه على السامع، إلا أنا نفرق بين أحوال المدركات ونميز بين ما يصح اعتراض الشبهة فيه وما لا يصح أن يعترضه شبهة، فمتى كان الخبر متناولا لحال لا تدخل الشبهة في مثلها، وتكاملت شروطها الباقية، قطعنا على صحته.
فأما حصول الشرائط المذكورة في جميع الطبقات فيعلم بما يرجع إلى العادة أيضا لأنها جارية بأن الأقوال التي تظهر وتنشر بعد أن لم تكن كذلك لا بد أن يعرف ذلك من حالها حتى يعلم الزمان الذي ابتدأت فيه بعينه، والرجال الذين ابتدعوها، وتولوا إظهارها، وحكم الأخبار التي يقوى فروعها (2) ويرجع نقلها إلى آحاد أو جماعة قليلة العدد هذا الحكم ولا بد فيمن كانت له خلطة بأهل الأخبار من أن يكون عارفا بحالتي ضعفها وقوتها، بهذا جرت العادات في المذاهب والأقوال الحادثة بعد أن كانت مفقودة، والقوية بعد الضعف، كما علمناه من حال الخوارج والجهمية (3) والنجارية (4) ومن جرى مجراهم ممن أحدث مقالة لم تتقدم، حتى فرق