الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٢ - الصفحة ٧٤
الجماعة عن أمر معلوم بالمشاهدة ضرورة خرج عن هذا الباب.
وقد تدخل الشبهة ويقع الالتباس أيضا في الأشياء المدركة (1) على بعض الوجوه، لأن المشاهد للشئ من بعد ربما اشتبه عليه أمره حتى يعتقد فيه خلاف الحق، كما يصيب من شاهد السراب واعتقد أنه ماء، وكذلك قد يسمع الكلام من بعد فيشتبه على السامع، إلا أنا نفرق بين أحوال المدركات ونميز بين ما يصح اعتراض الشبهة فيه وما لا يصح أن يعترضه شبهة، فمتى كان الخبر متناولا لحال لا تدخل الشبهة في مثلها، وتكاملت شروطها الباقية، قطعنا على صحته.
فأما حصول الشرائط المذكورة في جميع الطبقات فيعلم بما يرجع إلى العادة أيضا لأنها جارية بأن الأقوال التي تظهر وتنشر بعد أن لم تكن كذلك لا بد أن يعرف ذلك من حالها حتى يعلم الزمان الذي ابتدأت فيه بعينه، والرجال الذين ابتدعوها، وتولوا إظهارها، وحكم الأخبار التي يقوى فروعها (2) ويرجع نقلها إلى آحاد أو جماعة قليلة العدد هذا الحكم ولا بد فيمن كانت له خلطة بأهل الأخبار من أن يكون عارفا بحالتي ضعفها وقوتها، بهذا جرت العادات في المذاهب والأقوال الحادثة بعد أن كانت مفقودة، والقوية بعد الضعف، كما علمناه من حال الخوارج والجهمية (3) والنجارية (4) ومن جرى مجراهم ممن أحدث مقالة لم تتقدم، حتى فرق

(1) خ المذكورة.
(2) خ " وقوعها ".
(3) الجهمية: هم أصحاب جهم بن صفوان السمرقندي مولى بني راسب نسب إليه أنه يرى أن الأفعال في الحقيقة لله والانسان مجبور على أفعاله، وأشياء أخرى قتله سالم بن أحوز المازي بمرو سنة 128 وانظر الملل والنحل 1 / 86، والفرق بين الفرق 128، ومقالات الاسلاميين 2 / 494.
(4) النجارية: أصحاب الحسين بن محمد بن عبد الله الرازي المتوفى في حدود سنة 220 رأس الفرقة النجارية من المعتزلة له كتب منها " البذل " في الكلام و " إثبات الرسل " و " الارجاء " و " القضاء والقدر " وغيرها أنظر الملل والنحل 1 / 88 ومقالات الاسلاميين 1 / 283.
(٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 ... » »»