الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٢ - الصفحة ٦٩
هذا إذا كان الكلام في الجماعة المخبرة عن المخبر بلا واسطة فإن كانت مخبرة عن غيرها وجب اعتبار هذه الشروط فيمن خبرت عنه حتى يعلم أن الجماعات التي خبرت عنها هذه الجماعة صفتها فيما ذكرناه صفة هذه الجماعة وبه نقطع على أنه لم يتوسط بينها وبين المخبر عنه جماعة لم تكمل لها هذه الشروط فإن قال قائل: بينوا تأثير الشروط التي ذكرتموها في العلم بصحة الخبر وإن فقدها أو فقد بعضها مخل بالعلم بصحته ووجودها محصل لطريق العلم، ثم بينوا كيف السبيل إلى العلم بحصولها؟ وما الطريق إليه؟
قيل له: أما تأثير الشروط المذكورة فبين، لأن الجماعة إذا لم تبلغ الحد الذي يستحيل عليها عند بلوغه الكذب عن المخبر المخصوص اتفاقا لم نأمن من وقوع الكذب منها على هذا الوجه، كما أن الواحد والاثنين إذا أخبرا عن أمر لم نأمن في خبرهما أن يكون كذبا من حيث كان ما ذكرناه من اتفاق الكذب غير مأمون منهما وكذلك متى لم نعلم أنها لم تتواطأ أو حصل فيها ما يقوم مقام التواطؤ جوزنا أن يكون الكذب وقع منها على سبيل التواطؤ لأنا نعلم أن بالتواطؤ يجوز على الجماعة ما يستحيل لولاه والشبهة ووقوع اللبس أيضا مما يجمع على الكذب، ألا ترى إلى جواز الكذب على الخلق العظيم من المبطلين في الإخبار عن دياناتهم ومذاهبهم التي اعتقدوها بالشبهات، أو بما يجري مجراها من التقليد، وإنما جاز أن يخبروا مع كثرتهم بالكذب على سبيل الشبهة وإن لم يكن هناك تواطؤ، لأن الشبهة تخيل لهم كون الخبر صادقا (1) والمذهب حقا فكما أنهم إذا علموه صدقا جاز أن يخبروا عنه مع الكثرة من غير تواطؤ

(1) خ " صدقا ".
(٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 63 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 ... » »»