الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٢ - الصفحة ٧١
صادقة عمن خبرت عنه، وإن كان الخبر في الأصل باطلا، فليس يصح أن يعلم كون الخبر في الأصل صدقا والمخبر عنه على الحد الذي تناوله الخبر إلا بأن تحصل الشروط المذكورة في طبقات المخبرين، ومن ها هنا لم نلتفت إلى أخبار اليهود عن تأبيد الشرع وأخبارهم وأخبار النصارى عن صلب المسيح عليه السلام من حيث كان نقلهم ينتهي إلى عدد قليل لا يصح أن يؤمن فيه التواطؤ وغيره.
وإنما قلنا إن تكامل الشروط التي وصفنا مقتض كون الخبر صدقا من حيث خبر الجماعة الموصوفة لما لم يخل من أن يكون صدقا أو كذبا، وكان وقوعه كذبا لا بد أن يكون إما اتفاقا أو لتواطؤ أو لشبهة، وقد علمنا ارتفاع كل ذلك فوجب أن يكون صدقا، لأنه لا يمكن أن يقال:
أن كونه كذبا يقتضي الاجتماع عليه، ولا يحتاج إلى أحد الأقسام التي ذكرتموها كما تقولون في الصدق، لأنا سنبين عن بطلان تساوي الصدق والكذب في هذا الوجه.
وأما الطريق إلى العلم بحصول هذه الشروط في الجماعة فواضح، لأنه متعلق بالعادات، ولا شئ أجلى مما أستند إليها.
أما اتفاق الكذب عن المخبر الواحد فكل من عرف العادات يعلم ضرورة أنه لا يقع من الجماعة، وأن حال الجماعة فيه مخالفة لحال الواحد والاثنين.
ولهذا يجوز أن يخبر أحد من حضر الجامع يوم الجمعة بأن الإمام سها فتنكس على رأسه من المنبر وهو كاذب، ولا يجوز أن يخبر جميع من حضر الجامع بذلك إلا لتواطؤ أو ما يقوم مقامه، وقد مثل المتكلمون امتناع وقوع الكذب منهم إذا لم يكن تواطؤ بامتناع وقوع تصرف
(٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 ... » »»