الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٢ - الصفحة ٤٠
والوكلاء فيجرون عندنا مجرى الأمراء والحكام في أنهم يجب أن يكونوا عالمين بما فوض إليهم ومضطلعين به وأي عاقل يخفى عليه أن أحدنا متى أراد أن يوكل وكيلا يسند إليه تدبير ضيعته وأمواله فإنه لا يختار إلا من يثق منه بالكفاية وحسن البصيرة والاضطلاع، فإنه متى استكفى أمر وكالته من لا معرفة عنده بها أو بأكثرها، ومن يحتاج إلى أن يتعرفها ويتعلمها كان سفيها مهملا لأمواله معرضا لها للضياع والتلف، فأما العامي ورجوعه إلى العالم في الفتوى فإنما ساغ من حيث لم يكن العامي متوليا للحكم فيما استفتى فيه ولا له رئاسة وإمامة في شئ منه، وليس هذه حالة الإمام لأنه المنصوب للحكم في جميع الدين، فلا بد من أن يكون عالما به، وهذا أيضا مما قد مضى على أنا لم نمنع في الإمام من الرجوع إلى العلماء في الأحكام لأجل جواز الغلط عليهم، وإنما منعناه لما تقدم ذكرنا له، فلا معنى للاعتراض علينا بأن العامي يرجع إلى العالم في الفتوى مع جواز الغلط عليه.
قال صاحب الكتاب: " فإن قالوا: إذا نصب للقيام بهذه الأمور كلها فيجب في الحكيم (1) أن ينصبه على أقوى الوجوه وأقربها إلى أن لا يغلط ويقوم بذلك على حقه، وذلك لا يكون إلا مع العلم بالأحكام كلها.
قيل لهم: فلا يكون ذلك إلا مع العلم ببواطن الأحكام، وبأحوال من يحكم له وعليه وبأحوال الشهود... " (2).

(1) قال المعلق على " المغني " لعلها " العقل " مع أن الأمر واضح لا يحتاج إلى التعليل، فإن القاضي يحكي عن الإمامية: أن الحكيم وهو الله سبحانه وتعالى ينصب الإمام على أقوى الوجوه الخ، وكم لهذا المعلق من أمثالها، سنتعرض لبعضها إذا اقتضى المقام.
(2) المغني 20 ق 1 / 108.
(٤٠)
مفاتيح البحث: الجواز (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 ... » »»