الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٢ - الصفحة ٤٩
الصحابة وما جرى مجرى ذلك، ولم يذهب قط إلى أن فيما يقوم به الإمام يقتضي كونه أفضل، فتناول كلامنا له من هذا الوجه، وصاحب الكتاب حيث قسم في الفصل الذي حكيناه عنه الكلام، وهل ترد خصومة الدلالة على كون الإمام أفضل إلى السمع والعقل لم يعن إلا ما بيناه من السمع من الرجوع إلى الإجماع وفعل الصحابة.
ولو قيل لنا مع هذه الجملة التي أوضحناها: ما الدليل على أن من شروط الإمامة وصفات الإمام العقلية التي يدل العقل على أن الإمام لا ينفك منها كونه أفضل بمعنى أنه أكثر ثوابا؟ لم نعتمد هذه الطريقة.
قال صاحب الكتاب: " فإن قالوا: لأنه يحل محل الرسول فإذا وجب فيه أن يكون هو الأفضل، وكذلك القول في الإمام. قيل لهم، ومن أين ذلك واجب في الرسول عقلا فتقيسوا (1) عليه الإمام؟ ومن قولنا إن الرسول يجوز أن يكون مفضولا أو أن يكون مساويا لغيره في الفضل وإنما يرجع إلى السمع في أنه يكون أفضل بعد أن يصير رسولا، ولولا السمع كنا نجوز أن لا يكون هو الأفضل وأن يكون في أمته من يساويه في ذلك فيجب أن يكون هذا حال الإمام من جهة العقل أيضا... " (2).
يقال له: قد ذكرنا الطريقة المعتمدة في كون الإمام أفضل من رعيته وهي متناولة للرسول أيضا، ودالة على وجوب كونه أفضل من أمته في جميع ما كان إماما لهم فيه، ولا حاجة بنا إلى حمل الإمام على الرسول مع كون الدلالة على وجوب الفضل يجمعهما وإن كنت قد ارتكبت في كلامك هذا ما كان يحيد عنه سلفك، ويمتنعون من إطلاقه، لأنهم كانوا إذا

(1) غ " لتقيسوا ".
(2) المغني 20 ق 1 / 109.
(٤٩)
مفاتيح البحث: الجواز (1)، الوجوب (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 ... » »»