الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٢ - الصفحة ٥٥
وجبت لكانت إنما تجب لكيلا يخطئ في الأمور التي يقوم بها، بل الذي له وجبت سلامة باطنه كونه معصوما وإنما وجب كونه معصوما لبعض ما تقدم من الأدلة.
فأما الفرق بين الأمير والإمام بسعة العمل فمما لا نعتمده ولا نرتضيه، على أنك قد ظننت في سعة العمل خلاف المراد بهذه اللفظة لأن المراد بالعمل وسعته وضيقه الأماكن التي لصاحب العمل أن يتصرف فيها أو يدبر أهلها، وليس بمنكر أن يحول بين صاحب العمل وعمله حوائل تقطعه عن التصرف، ولا يخرج بذلك العمل من أن يكون عملا له، فالإمام وإن جاز أن يحول بعض الظالمين بينه وبين كثير من أعماله ويقطعوه عن تدبير أهلها وسياستهم، فليس يخرج فعلهم تلك الأعمال من أن تكون أعمالا له من حيث كان له التصرف فيها وتدبير أهلها.
قال صاحب الكتاب: " فإن قالوا: إن جوزنا عليه الغلط لم يصح أن تلزم طاعته والتأسي به، لأن طاعة العاصي تكون خطأ، وكذلك التأسي بالعاصي.
قيل لهم: أوليس كان عليه السلام إذا أمر أميرا يوجب طاعته والتأسي به أفيجب من ذلك القطع على باطنه؟ وادعاء كونه فاضلا لا يجوز أن يغير ويبدل فلا بد من القول بأن ذلك غير واجب فيلزمهم مثله في الإمام وقد بينا أن طاعته فيما يعلم قبحه لا تجب وأنه بمنزلة الإمام في الصلاة وقد بينا أن وجوب التأسي به لا يمتنع وإن كان عاصيا (1)... ".
يقال له: قد مضى الفرق بين الإمام وخلفائه من الأمراء والعمال والحكام في معنى الاقتداء والتأسي وبينا أن الذي يجب للأئمة من الاقتداء

(1) وهذا الايراد ساقط من المغني أيضا.
(٥٥)
مفاتيح البحث: الوسعة (1)، الظلم (1)، الوجوب (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 ... » »»