الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٢ - الصفحة ٤٨
ما يمنع من قبول القول ولا يصح معه امتثال الأمر فيعترض علينا بمن امتثل وانقاد مع تجويزه في الإمام أن يكون أنقص ثوابا، والذي أردناه أن حالهم في السكون والقرب إلى قبول القول لا يكون كحالهم إذا لم يجوزا ذلك، وأكثر ما يجب فيما يقضى عليه بالتنفير أن يكون له حكم الصارف، وليس يمنع أن يقع الفعل مع ثبوت بعض الصوارف إذا غلبت الدواعي وقويت، ولا يخرج مع هذا الصارف عن حكمه، وقد مثل ما ذكرناه بما هو معلوم من أن قطوب (1) من استدعى قوما إلى دعوته وعبوسه لهما حكم الصارف عن حضور دعوته كما أن للبشر حكم الداعي، ومع هذا فلا يمتنع أن يقع الحضور ممن دعي مع ثبوت ما قررناه من العبوس، ولا يخرج بوقوع الحضور عنده من أن يكون له حكم الصارف، وليس لأحد أن يقول إن هذه الطريقة التي استأنفتموها ليست مبنية على مجرد العقل لأنكم عولتم فيها على كون الإمام حجة في الشرائع، والعقل يجوز ارتفاع التعبد بجميعها، وكلامنا معكم إنما هو فيما يقتضي من طريق العقل كون الإمام أكثر ثوابا، لأن الأمر وإن كان على ما قاله من بناء دلالتنا على العبادة بالشرائع وتجويزنا في الأصل أن لا تقع العبادة بها فلم نضع الدلالة إلا في موضعها لأن قصدنا بها كان إلى أن العقل يدل بعد العبادة بالشرائع على أن الإمام لا يكون إلا الأفضل بالاعتبار الذي ذكرناه من غير رجوع في أنه أفضل، مع أنه مؤد للشرع إلى السمع، فصار كلامنا بهذا الاعتبار متناولا لخلاف جميع من فارق مذهبنا ممن قال بإمامة الفاضل والمفضول معا، لأن من قال إمامة المفضول لا شبهة في تناول الكلام له، ومن قال بأن الإمام لا يكون إلا الأفضل إنما رجع في قوله إلي الإجماع، وفعل

(1) قطوب - كجلوس - يقال: قطب بين عينيه أي جمع بينهما فهو قاطب وقطوب أي عابس، وهي من باب ضرب وجلس.
(٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 ... » »»