الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٢ - الصفحة ٤٦
نشير إليه بعينه، ونميزه من غيره، وإنما المستحيل أن يعلم باطنه واستحقاقه للثواب على أفعاله، فأما ما يرجع إلى الظاهر فلا شك في أنه معلوم لمن هو أدون مرتبة في المعرفة من الإمام.
فأما الأفضل في العلوم وما يجري مجراها فجار مجرى ما ذكرناه في أنه معلوم أيضا بالاستنباط والاختيار لأنا نعلم حال من هو أفضل أهل بلدنا في العلم بالفقه والنحو واللغة، وما جرى مجرى ما ذكرناه من العلوم، وربما اتضح ذلك حتى لا يشكل على أحد، وربما التبس، وفي الجملة فحال المتقدمين في ضروب الفضل والعلوم معروفة عند من خالطهم وجاورهم وتميزهم ممن لا يدانيهم في فضلهم وعلومهم ظاهر، وربما عرفنا أيضا من طريق الخبر حال الأفضل في فن من العلم وإن نأى بلده عن بلدنا حتى لا نشك في فضله وتميزه من غيره، وتقدمه لأهل بلده، وإذا كان طريق المعرفة بذوي الفضل على هذا الحد من الوضوح فأي حاجة بالإمام في اختيار الأمراء والحكام إلى نص من قبل الله تعالى وهو المعصوم الموفق في كل ما يأتي ويذر؟
فإن قال: إذا أوجبتم الإمامة لمن كان أفضل في الشئ الذي كان إماما فيه من رعيته وضربتم لإبطال ما خالف ذلك الأمثال التي تقدمت فهذا دخول في مذهب من قال في الإمامة بالاستحقاق الذي أنكرتموه.
قيل له: أما الإمامة إذا أريد بها التكليف وإلزام الإمام القيام بالأمور التي يقوم بها الأئمة فليست مستحقة لأن المشاق والكلف (1) لا يجوز أن تكون ثوابا ولا جارية مجرى الثواب، والقول في الإمامة على هذا الوجه كالقول في الرسالة وأنها غير مستحقة وإن أشير بالإمامة إلى الحال

(1) الكلف جمع كلفة: وهو ما يتكلفه الانسان من نائبة.
(٤٦)
مفاتيح البحث: الإختيار، الخيار (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 ... » »»