الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٢ - الصفحة ٢٤٧
بالعزة على الكافرين، وبالجهاد في سبيله مع اطراح خوف اللوم كيف يجوز أن يظن عاقل توجه الآية إلى من لم يكن له حظ من ذلك الوصف لأن المعلوم أن أبا بكر لم يكن له نكاية في المشركين، ولا قتيل في الاسلام ولا وقف في شئ من حروب النبي صلى الله عليه وآله موقف أهل البأس والعناء، بل كان الفرار سنته والهرب ديدنه، وقد انهزم عن النبي صلى الله عليه وآله في جملة المنهزمين في مقام بعد مقام، وكيف يوصف بالجهاد في سبيل الله على الوجه المذكور في الآية من لا جهاد له جملة، وهل العدول بالآية عن أمير المؤمنين عليه السلام مع العلم الحاصل لكل أحد بموافقة أوصافه بها إلى أبي بكر إلا عصبية ظاهرة، وانحراف شديد.
وقد روي نزولها في قتال أمير المؤمنين عليه السلام أهل البصرة عنه عليه السلام نفسه، وعن عبد الله بن عباس وعمار بن ياسر رضي الله عنهما وإذا عضد ما ذكرناه من مقتضى الآية الرواية زالت الشبهة، وقويت الحجة على أن صاحب الكتاب قد وهم في الحكاية عن أبي مسلم، وحكى عنه ما لم يقله ولا يقتضيه صريح قوله ولا معناه، لأن الذي قاله أبو مسلم بعد إنشاد البيت: " والذي وصفهم به من الركوع في هذا المعنى هو الذي وصف به من أوعد المرتدين بالإتيان بهم بدلا منهم من الذلة على المؤمنين، والعزة على الكافرين " هذه ألفاظه بعينها في كتابه في تفسير القرآن وهي بخلاف حكاية صاحب الكتاب لأن أبا مسلم جعل الوصف في الآيتين واحدا، ولم يقل أن الموصوف واحد وصاحب الكتاب حكى عنه أن الموصوفين بالآية الأولى هم الموصوفون بالآية الأخرى، وهذا تحريف ظاهر لأنه غير ممتنع أن يكون الوصف واحدا والموصوف يختلف ولم يحقق حكايته هذا الضرب من التحقيق لأن أبا مسلم لو ادعى ما حكاه عنه كانت دعواه حجة، بل أردنا أن نبين عن وهم صاحب الكتاب في الحكاية، والذي
(٢٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 242 243 244 245 246 247 248 249 250 251 252 ... » »»