الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٢ - الصفحة ٢٤٦
فكان من ظفره وفتحه ما وافق خبر الرسول صلى الله عليه وآله ثم قال تعالى: (أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين) فوصف من عناه بالتواضع للمؤمنين والرفق بهم والعزيز على الكافرين هو الممتنع من أن ينالوه مع شدة نكايته فيهم ووطأته عليهم، وهذه أوصاف أمير المؤمنين عليه السلام لا يدانى فيها ولا يقارب ثم قال: (يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم) فوصف جل اسمه من عناه بقوة الجهاد، وبما يقتضي الغاية فيه.
وقد علمنا أن أصحاب الرسول صلى الله عليه وآله بين رجلين رجل لا غناء له في الحرب ولا جهاد، وآخر له جهاد وغناء، ونحن نعلم قصور كل مجاهد عن منزلة أمير المؤمنين في الجهاد، وأنهم مع علو منزلتهم في الشجاعة وصدق البأس لا يلحقون منزلته، ولا يقاربون رتبته، لأنه عليه السلام المعروف بتفريج الغم، وكشف الكرب عن وجه الرسول صلى الله عليه وآله وهو الذي لم يحجم قط عن قرن، ولا نكص عن هول، ولا ولى الدبر، وهذه حال لم يسلم لأحد قبله ولا بعده وكان عليه السلام للاختصاص بالآية أولى لمطابقة أوصافه لمعناها وقد ادعى قوم من أهل الغباوة والعناد أن قوله تعالى: (فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه) المراد به أبو بكر من حيث قاتل أهل الردة.
ولسنا نعرف قولا أبعد من الصواب من هذا القول، حتى أنه ليكاد أن يعلم بطلانه ضرورة لأن الله تعالى إذا كان قد وصف من أراده بالآية
(٢٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 241 242 243 244 245 246 247 248 249 250 251 ... » »»