الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٢ - الصفحة ٢٤٨
تقدم من كلامنا مبطل للدعوى التي ذكرها في الآية سواء كان أبو مسلم مدعيا أو غيره.
فأما قوله: " وقد روى أنها نزلت في عبادة بن الصامت " فباطل وليس يقابل ما ادعاه من الرواية ما روي من نزولها في أمير المؤمنين عليه السلام لأن تلك رواية أطبق على نقلها جماعة أصحاب الحديث من الخاصة والعامة وما ادعاه أحسن أحواله أن يكون مسندا إلى واحد معروف بالتحايل والعصبية، ولا يوجد له موافق من الرواة ولا متابع، على أن مفهوم الآية ممتنع مما ذكره، لأنا قد دللنا على اقتضائها فيمن وصف بها معنى الإمامة، فليس يجوز أن يكون المعني بها عبادة بعينه للاتفاق على أنه لا إمامة له في حال من الأحوال، ولا يجوز أيضا أن يكون نزلت بسببه الذي ذكره لأن الآية يصح خروجها على سبب لا يطابقها وإن جاز مع مطابقته أن يتعدى إلى غيره وقد بينا أن المراد بها لا يجوز أن يكون ولاية الدين والنصرة لدخول لفظة " إنما " المقتضية للتخصيص فلم يبق فيما ذكرناه شبهة.
قال صاحب الكتاب: " دليل لهم آخر، ربما تعلقوا بقوله تعالى:
﴿وأن تظاهرا عليه فإن الله هو موليه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير﴾ (1) ويقولون المراد بصالح المؤمنين هو أمير المؤمنين علي

(١) التحريم ٤ والنصوص في أن المراد بصالح المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام كثيرة، قال السيوطي في اللؤلؤ المنثور ٦ / ٢٤٤ في تفسير هذه الآية: " أخرج ابن مردويه عن أسماء بنت عميس سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم (وصالح المؤمنين علي بن أبي طالب) وقال: وأخرج ابن مردويه وابن عساكر عن ابن عباس في قوله (وصالح المؤمنين) قال هو علي بن أبي طالب، وأخرجه العسقلاني في فتح الباري ١٣ / ٢٧ عن مجاهد ومحمد بن علي وجعفر بن محمد (عليهما السلام) والهيثمي في مجمع الزوائد ٩ / 194 عن زيد بن أرقم ومثله في الصواعق ص 198 وقال ابن حجر " ورد موقوفا ومرفوعا أن صالح المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه " وفيه " لما أصيب الحسين بن علي رضي الله عنه قام زيد بن أرقم على باب المسجد فقال: أفعلتموها أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
(اللهم إني أستودعكهما وصالح المؤمنين).
(٢٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 243 244 245 246 247 248 249 250 251 252 253 ... » »»