الآية لو دلت على وجوب عصمة الأئمة، والنص عليهم على ما اعتمدها ابن الراوندي فيه، وحكاه صاحب الكتاب في صدر كلامه لم تكن دالة على وقوع النص على أمير المؤمنين عليه السلام بالإمامة، وإنما يرجع في ذلك إلى طريقة اعتبار الإجماع، وتأمل أقوال الأمة المختلفين في الإمامة، وأن الحق لا يخرج عن الأمة على ما رتبناه فيما تقدم فكيف يحسن أن تجعل دلالة في النص وتحكى في جملة الأدلة عليه، وهذا يوجب كون جميع ما دل من جهة العقل على وجوب عصمة الأئمة، والنص عليهم دالا على النص على أمير المؤمنين عليه السلام وبعد ذلك ظاهر.
قال صاحب الكتاب: " دليل لهم آخر من طريق السنة، قالوا قد ثبت عنه صلى الله عليه وآله يوم غدير خم ما يدل على أنه نص على أمير المؤمنين عليه السلام بالإمامة لأنه مع الجمع العظيم في ذلك المقام قام فيهم خطيبا فقال: " ألست أولى بكم منكم بأنفسكم " (1)؟ فقالوا اللهم نعم، فقال بعده إشارة إليه " فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله " حتى قال عمر بن الخطاب له: بخ بخ (2) أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة، ولا يجوز أن يريد بقوله " من كنت مولاه " إلا ما تقتضيه مقدمة الكلام، وإلا لم يكن لتقديمها فائدة، فكأنه صلى الله عليه وآله قال: