الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٢ - الصفحة ٢٥٢
النصرة لكل أحد، ولم نرك أبطلت ذلك بشئ، وإنما تكلمت على الأصلح والظاهر من قوله تعالى (وصالح المؤمنين) يقتضي كونه أصلح من جميعهم بدلالة العرف والاستعمال، لأن أحدنا إذا قال: فلان عالم قومه، وزاهد أهل بلده، لم يفهم من كلامه إلا كونه أعلمهم وأزهدهم، ويشهد أيضا بصحة قولنا أيضا ما روي عن أبي عمرو بن العلاء (1) من قوله: كان أوس بن حجر (2) شاعر مضر حتى نشأ النابغة وزهير فطأطئا منه، فهو شاعر تميم في الجاهلية غير مدافع وإنما أراد بلفظة شاعر أشعر لا غير.
فأما ما ذكره من قولهم: فلان شجاع القوم فهو جار مجرى ما ذكرناه، لأنه لا يفهم منه إلا أنه أشجعهم ألا يعلم أنه لا يقال في كل واحد من القوم إذا ظهرت منه شجاعة ما: أنه شجاع القوم، وقد دللنا على أن الأفضل أحق بالإمامة، وإنها لا تجوز للمفضول فيما تقدم،

(1) أبو عمرو بن العلاء زبان بن عمار التميمي من أئمة الأدب واللغة وهو أحد القراء السبعة ولد بمكة ونشأ بالبصرة ومات بالكوفة سنة 157 وكلامه هذا نقله العباسي في معاهد التنصيص ج 1 / 33 وفيه " أسقطه " بدل " طأطأ منه ". ونقل قولا للأصمعي " كان أوس أشعر من زهير ولكن النابغة طأطأ منه ".
(2) أوس بن حجر: هو أوس بن مالك بن حزن التميمي من فحول شعراء الجاهلية وكان من حديثه أنه كان في سفر له فمر ليلا بأرض بني أسد فصرعته ناقته، فاندقت فخذه، فمرت به جواري الحي عند الصباح فأبصرنه ملقى ففزعن منه وكانت معهن حليمة بنت فضالة بن كلدة - وكانت أصغرهن - فدعاها فقال لها: من أنت؟
قلت حليمة بنت فضالة بن كلدة فأعطاها حجرا، وقال: اذهبي إلى أبيك فقولي:
ابن هذا يقرؤك السلام، فبلغت أباها ذلك، فقال: لقد أتيت أباك بمدح طويل أو هجاء طويل، ثم تحمل إليه بعياله وضرب عليه بيتا وقال: لن أتحول أبدا حتى تبرأ، وعالجه وكانت حليمة تمرضه حتى برأ فمدح فضالة بشعره ورثاه بعد موته فلعله من هذه القصة سمي ابن حجر.
(٢٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 247 248 249 250 251 252 253 254 255 256 257 ... » »»