الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٢ - الصفحة ٢٤٤
كون الركوع جهة وطريقة لفضل الزكاة، لأنا قد بينا أن الآية لا تقتضي كون الركوع جهة وطريقة لفضل الزكاة والصلاة حتى يجب للقصد إلى فعل أمثالها.
وقلنا: إن الخطاب أفاد الوصف لمن عني بلفظ (الذين آمنوا) والتمييز له عن سواء فكأنه تعالى قال: (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا) الذين يصلون ويؤتون الزكاة في حال ركوعهم ليتميز المذكور الأول مع أن فعله عليه السلام لا بد أن يكون واقعا على نهاية القربة لما حصل عليه من المدح، ويشبه ما تأولنا عليه الآية قول أحد ملوكنا مقبلا على أصحابه: أفضلكم عندي وأكرمكم لدي من نصرني في غرة شهر كذا، وهو راكب فرسا من صفته كذا، وأشار إلى فعل مخصوص وقع من بعض أصحابه على وجه ارتضاه وعظمت منزلته به عنده، ونحن نعلم أن قوله لا يقتضي أن لغرة الشهر والأوصاف التي وصف ناصره بها تأثيرا في قوة نصرته حتى يكون ذلك جهة وطريقة يقصد إليها من أراد نصرته، وقد تقدم أن حقيقة الركوع ما ذكرناه، وأنه يستعمل في الخضوع وما يجري مجراه على سبيل المجاز، والبيت الذي أنشده مما يجوز فيه شاعر، والمجاز لا يقاس عليه.
فأما قوله: حاكيا عن أبي مسلم بن بحر: " أن الذين وصفهم في هذا الموضع بالركوع والخضوع هم الذين وصفهم من قبل بأنه يبدل المرتدين بهم " فغير صحيح لأنه غير منكر (1) أن يكون الموصوف بإحدى الآيتين غير الموصوف بالآية الأخرى حتى تكون الآية التي دللنا على اختصاصها بأمير المؤمنين عليه السلام على ما حكمناه به من خصوصها، والآية الأولى عامة

(1) غير ممتنع، خ ل.
(٢٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 239 240 241 242 243 244 245 246 247 248 249 ... » »»