الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٢ - الصفحة ١٨٦
والاعتراف بإمامته ومخاطبته بإمرة المؤمنين من دلالة على ولاية باطنة، واعتراف بإمامة حقيقة وسائر الصالحين والمحقين في دول الظالمين هذه حالهم في أنهم يظهرون تقية وخوفا الاعتراف بما يبطنون إنكاره، وبإزاء ما يرويه المخالفون ويعتقدون أنه دال على الرضا والتسليم، وإن كنا قد بينا أنه ليس يدل عليهما ما يرويه الشيعة من جهره عليه السلام بالتظلم والانكار ظاهرا وباطنا على وجه لا يمكن أن يجعل فيه محتملا، ولا شك في أنه عليه السلام لم يدع الإمامة ظاهرا إلا عند البيعة غير أن ذلك لم ينف أن يكون عليه السلام ادعاها على خلاف هذا الوجه، ونقل ما سمع منه من أوليائه من يقوم الحجة بنقله.
فأما احتجاجه عليه السلام على طلحة والزبير بالنكث دون النص، فلأنهما كانا معترفين بالبيعة وجاحدين للنص فاحتج عليه السلام عليهما بما هما معترفان به، ولأن في الاحتجاج بالنص تنفيرا للجمهور من أصحابه وأعوانه على قتال الرجلين لأن من المعلوم تولي هؤلاء القوم للمتقدمين عليه وأنهم كانوا يعتقدون صحة إمامتهم، وليس يجوز أن يقابلوا بما يطعن عليهم ويفسد إمامتهم.
فأما كون مخالفي الشيعة ممن لا يجوز عليه التواطؤ كالشيعة فمما لا يضرنا لأنهم لم يعتقدوا نفي النص من طريق الرواية لأن ما لم يكن لا يروى نفيه، وإنما اعتقدوا ذلك لشبهات دخلت عليهم في طرق الاستدلال وبألفاظ رووها وأفعال تعلقوا بها، وظنوا أنها تدل على نفي النص ونحن نوافقهم على وقوعها وصحتها أو صحة أكثرها، ونخالفهم فيما توهموه من دلالتها على نفى النص ونحمل كل ما تعلقوا بظاهره من قول أو فعل على التقية.
(١٨٦)
مفاتيح البحث: الظلم (1)، القتل (1)، الجواز (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 ... » »»