الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ١ - الصفحة ٨٤
الحكاية عنه القول بجسم لا كالأجسام. ولا خلاف في أن هذا القول ليس تشبيه ولا ناقض لأصل، ولا معترض على فرع، وأنه غلط في عبارة يرجع في إثباتها ونفيها إلى اللغة.
وأكثر أصحابنا يقولون: إنه أورد ذلك على سبيل المعارضة للمعتزلة. فقال لهم: إذا قلتم إن القديم تعالى شئ لا كالأشياء، فقولوا: إنه جسم لا كالأجسام (1) - وليس كل من عارض بشئ وسأل عنه يكون معتقدا له، ومتدينا به، وقد يجوز أن يكون قصد به إلى استخراج جوابهم عن هذه المسألة.
ومعرفة ما عندهم فيها، أو إلى أن يبين قصورهم عن إيراد المرتضى في جوابها. إلى غير ذلك مما يتسع ذكره.
فأما الحكاية عنه أنه ذهب في الله تعالى أنه جسم له حقيقة الأجسام الحاضرة. وحديث الأشبار المدعى عليه فليس نعرفه إلا من حكاية الجاحظ عن النظام (2) وما [هو] فيها إلا متهم عليه، غير موثوق بقوله

(١) قال الشهرستاني في الملل والنحل ١ / ١٨٥: " هشام بن الحكم صاحب غور في الأصول، لا يجوز أن يغفل عن إلزاماته على المعتزلة، فإن الرجل وراء ما يلزمه على الخصم، ودون ما يظهره من التشبيه، وذلك أنه ألزم العلاف فقال: إنك تقول الباري تعالى عالم بعلم. وعلمه ذاته فيشارك المحدثات في أنه عالم بعلم ويباينها في أن علمه ذاته فيكون عالما لا كالعالمين فلم لا تقول: أنه جسم لا كالأجسام وصورة لا كالصور، وله قدر لا كالأقدار " ا ه‍ ولكن العجيب أن الشهرستاني بعد وصفه هشام بما وصفه به من المعرفة نقل عنه القول بإلهية علي عليه السلام، وهو أجل من ينسب إليه مثل هذا القول.
(٢) النظام: هو أبو إسحاق إبراهيم بن سيار بن هاني البصري لقب بالنظام لنظمه الكلام المنثور والشعر الموزون وقيل لأنه كان ينظم الخرز بالبصرة من شيوخ المعتزلة مات في خلافة المعتصم سنة بضع وعشرين ومائتين كما في لسان الميزان لابن حجر ١ / ٦٧، وله كتاب النكث طعن فيه على جملة من كبار الصحابة بما فيهم علي عليه السلام وقد نقل ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ٦ / 139 بعض تلك المطاعن، وله مسائل خالف فيها أصحابه سنشير إليها.
(٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 ... » »»