أبو علي الجبائي فإنه يملي بكل تحامل وعصبية، وقليل هذه الحكايات ككثيرها في أنها إذا لم تنقل من جهة الثقة وكان المرجع فيها إلى قول الخصوم المتهمين لم يحفل بها (1)، ولم يلتفت إليها. وما قدمناه من الأخبار المروية عن الصادق عليه السلام، وما كان يظهر من اختصاصه به وتقريبه له، واجتبائه (2) إياه من بين صحابته يبطل كل ذلك. ويزيف (3) حكاية روايته.
وأما البداء، فقول هشام وأكثر الشيعة فيه هو قول المعتزلة بعينه في النسخ في المعنى، ومرادهم به مراد المعتزلة بالنسخ. وإنما خالفوهم في تلقبه بالبداء لأخبار رووها (4) ولا معتبر في الألفاظ والخلاف فيها، فأما ابن الراوندي، فقد قيل: إنه إنما عمل الكتب التي شنع بها عليه معارضة للمعتزلة، وتحديا لهم. لأن القوم كانوا أساؤوا عشرته، واستنقصوا معرفته، فحمله ذلك على إظهار هذه الكتب ليبين عجزهم عن استقصاء نقضها، وتحاملهم عليه في رميه بقصور الفهم والغفلة، وقد كان يتبرأ منها تبرءا ظاهرا، وينتفي من عملها، ويضيفها إلى غيره.
وليس يشك في خطئه بتأليفها، سواء اعتقدها أم لم يعتقدها.
وما صنع ابن الراوندي من ذلك إلا ما قد صنع الجاحظ مثله أو قريبا منه، ومن جمع بين كتبه التي هي: (العثمانية) (5) و (المروانية)