الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ١ - الصفحة ٨٨
و (الفتيا) و (العباسية) و (الإمامية) و (كتاب الرافضة والزيدية) رأي من التضاد واختلاف القول ما يدل على شك عظيم وإلحاد شديد، وقلة تفكر في الدين.
وليس لأحد أن يقول: إن الجاحظ لم يكن معتقدا لما في هذه الكتب المختلفة، وإنما حكى مقالات الناس وحجاجهم. وليس على الحاكي جريرة (1)، ولا يلزمه تبعة. لأن هذا القول إن قنع به الخصوم فليقنعوا بمثله في الاعتذار، فإن ابن الراوندي لم يقل في كتبه هذه التي شنع بها عليه: إنني أعتقد المذاهب التي حكيتها، وأذهب إلى صحتها. بل كان يقول: قالت الدهرية (2)، وقال الموحدون، وقالت البراهمة (3)، وقال مثبتو الرسول، فإن زالت التبعة عن الجاحظ في سب الصحابة والأئمة والشهادة عليهم بالضلال، والمروق (4) عن الدين بإخراجه كلامه مخرج الحكاية فلتزولن أيضا التبعة عن ابن الراوندي بمثل ذلك.

(١) الجريرة: الجناية.
(٢) الدهرية - بفتح الدال وتضم - القائلون ببقاء الدهر ولا يؤمنون بالحياة الأخرى قالوا وهم المشار إليهم بقوله تعالى: (ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر) الجاثية ١٢٤، ويقال لهم المعطلة أيضا والتعطيل مذهب قوم من العرب بعضهم أنكر الخالق والبعث والإعادة فجعلوا الجامع لهم الطبع والمهلك لهم الدهر، وبعضهم اعترف بالخالق - جلت قدرته - وأنكر البعث (أنظر شرح نهج البلاغة ١ / 118).
(3) البراهمة قوم لا يجوزون على الله بعثة الرسل.
(4) المروق: الخروج، ومنه سميت الخوارج مارقة لقوله صلى الله عليه وآله " يمرقون من الذين كما يمرق السهم من الرمية ".
(٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 ... » »»