الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ١ - الصفحة ٧٣
الحاجة إلى الإمام بما يغني عن غيره. وقد كنا قلنا فيما قبل: أنه ليس يجوز أن يوجب إقامة إمام لأمر يجوز أن يقوم غيره فيه مقامه، والتنبيه على النظر فيما يجوز عندنا أن يستغنى فيه عن الإمام وإن كان بعض أصحابنا تعلق بذلك تقريبا.
فأما ما ذكره وأطنب فيه (1) أيضا من شكر النعمة، وتعاطيه (2) إفساد قول من يدعي: أن الإمام يحتاج إليه لبيان كيفية الشكر لله تعالى فمما لا نرتضيه ولا نعتمده.
وقوله في آخر كلامه: " إن هذا التعليل لو صح [لهم] لما كان يوجب في كل عصر حجة لا محالة (3)، لأن بيان الرسول الواحد إذا انتشر بالتواتر في كيفية الشكر أغني عن حجة [بعده]... (4) " باطل لا يفسد بمثله المذهب الذي حكاه لأن ما بينه الرسول عن كيفية الشكر ليس مما يجب نقله لا محالة، ولو وجب نقله لم يجب على وجه التواتر الموجب للحجة لأنه لا يمتنع أن يعرض الناقلون أو أكثرهم عن النقل لداع يدعوهم إلى الإعراض، كما أنهم في الأصل لم ينقلوا ما نقلوه إلا لداع دعاهم إلى النقل، وإذا كان ذلك عليهم جائزا وغير ممتنع سقطت الحجة بالنقل وثبتت الحاجة إلى إمام مؤد لما وقع من بيان الرسول لأنه لو كان الأمر بخلاف ما ذكرناه، وعلى ما ظنه خصومنا لم يكن لله تعالى على من لم يشاهد زمن النبي حجة إذا كان النقل بالصورة التي ذكرناها، وهذا يبطل

(1) أطنب فيه: بالغ في وصفه مدحا أو قدحا.
(2) تعاطى كذا: خاض فيه.
(3) المحالة: الحيلة والمراد هنا لا بد.
(4) المغني: 20 ق 1 / 35.
(٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 ... » »»