الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ١ - الصفحة ٨٠
فيه ولا قدرة على دفعه، وإذا استحال أن يكون القديم تعالى غير مزيح لعلل عباده لما فيه لطفهم ومصلحتهم وجب القطع على وجود الأئمة، وليس جهل من جهل وجودهم ودخلت عليهم الشبهة في أمرهم بقادح في الأدلة، ولا منع معترض عليها (1).
وقوله: " لا يعرف منه عين ولا أثر "... إن أراد أن لا يعرف بالدليل فما ذكرناه يبطله، وإن أراد بالمشاهدة فليس كل ما كان غير مشاهد يجب نفيه وإبطاله.
وأما قوله: " وأدى بعضهم هذه الطريقة إلى ادعاء الضرورة في النصوص على المخالف، بل أدى بعضهم إلى القول بأن المعارف كلها ضرورية (2)... " (3) فليس فينا من يدعي الضرورة في النص إلا على السامع له، ممن وقع من جهته، فأما من يعرفه من طرق الخبر فخارج عن باب الضرورة، وما نعرف فينا أحدا محصلا يدعي أن المعارف كلها ضرورية. وقد كان يجب أن لا يعير باعتقاد الضرورة في المعارف من له مثل أبي عثمان الجاحظ (4) الذي افتتح هذا الرأي المنكر، وتناهى فيه إلى ما هو المشهور

(١) الخبر محذوف فيكون تقدير الكلام: ولا منع معترض عليها بقادح فيها أي في الأدلة.
(٢) غ " ضرورة ".
(٣) المغني ٢٠ ق ١ / ٣٧.
(٤) الجاحظ عمرو بن بحر الكناني بالولاء، لقب بالجاحظ لجحوظه عينيه - أي نتوء المقلة وكبرها - أديب كبير، وكاتب شهير، رئيس الفرقة الجاحظية من المعتزلة، ولد في البصرة، وأقام ببغداد وتردد على سامراء، فلج في آخر عمره، ومات والكتاب على صدره، كان مشوه الخلقة حتى أن المتوكل العباسي أراده لتأديب ولده، ولكنه رجع عن ذلك لدمامته وقبح صورته، ألف في فنون من العلم وخلف آثارا تشهد له بذلك، غير أن الانحراف عن علي عليه السلام يبدو واضحا في بعض ما كتبه، ولعله فعل ذلك تقربا للمنحرفين عنه ممن رفع منزلته وكفاه مؤنته أمثال محمد بن عبد الملك الزيات، ولما فلج عاد إلى البصرة ومات بها سنة ٢٥٠ أو ٢٥٥ تجد ترجمته في ميزان الاعتدال ٣ / ٢٤٧.
وفيه: " وكان من أئمة البدع " ولسان الميزان ٤ / ٣٥٥ وفيه " ليس بثقة ولا مأمون وسبحان من أضله على علم) وتاريخ بغداد ١٢ / 212 وفيه " حضرت الصلاة ولم يصل ".
ص 217، وفيات الأعيان 3 / 140، والأعلام للزركلي 5 / 239.
(٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 ... » »»