وأسندها إلى الجاحظ، وقال عند انتهائها: " وبعض أصحابنا يدفع ذلك عن عمرو بن عبيد، ويقول: إن عمرا لم يكن بالذي يخلف واصلا.
ويرغب عن مقالته " فكأنه صحح عليها المذهب الأول الذي هو اعتقاد " أنهما كالمتلاعنين، وأن شهادتهما تقبل إذا كانا متفرقين، ولا تقبل إذا كانا مجتمعين " ولم يكن عنده في دفع المذهب الثاني أكثر من حكايته عن بعض أصحابه بتنزيه عمرو عن مخالفة واصل، وهذا إنكار ضعيف، والمنكر له للعلة التي حكاها كالمقر به، بل أقبح منه حالا.
ومن عجيب أن هؤلاء القوم. وقبيح تعصبهم أنهم يناقضون شيخهم أبا عثمان الجاحظ في المعارف والطبائع وهما أصلان من أصول الدين كبيران ليس الغلط فيهما يسيرا (1)، وفي تضليله لوجوه الصحابة، والشهادة عليهم بتكلف ما لا يعنيهم. والذهاب عما يهمهم، ثم في سلبه أمير المؤمنين عليه السلام مرتبته في الفضل، ودفعه أكثر ما روي من فضائله ومناقبه، وتأوله ما استحيى هو من دفعه المتأول الذي يخرجه به عن الشهادة بالفضل، والقضاء بالتقدم حتى أخرجه ذلك إلى القدح في إمامته في الكتاب المعروف ب " المروانية " وإقامة المعاذير لمعاوية في حربه، وخلع طاعته، إلى غير ما ذكرناه من الأمور التي لا يقدم عليها مسلم.
ولا يتحاسن (2) على التظاهر بها مؤمن ولا متدين، وهم في كل ذلك يذكرونه (3) بأحسن الذكر! ويثنون على بأفضل الثناء، ولا يجرون ذكره