الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ١ - الصفحة ٦٤
فأما قوله: " ولو أن قائلا قال: المعلوم (1) أنهم ينصبون رئيسا عند الحوادث لا في كل حال، وأنهم مع سلامة أحوالهم قد لا يفعلون ذلك، فإذا وقعوا (2) في محاربة ومنازعة (3) فعلوه لكان، أقرب مما قالوه، (4)... " فقد بينا أن الأمر الذي يحتاج فيه إلى إمام ليس مما يحدث في حال دون حال، بل هو عام في الأحوال فكيف يصح ما ذكروه؟.
وبعد، فكيف يجوز الاستغناء عن الإمام في حال الأمن وارتفاع الحاجة إلى الحرب والمنازعة وما جرى مجراهما ونحن نعلم أن حال الأمن لا يعدم فيها التظالم والتغالب، وامتداد يد القوي إلى الضعيف إلى سائر ما يستغنى عن ذكره من وجوه الفساد التي لا يمتنع الأمن منها ولا يحيل وقوعها (5)؟ وإذا كان كل هذا متوقعا ممكنا ووجود من يهاب مكانه، وتخشى سطوته، أو يوقر في نفسه. ويستحيى من مجاهرته يرفع ذلك أو يقلله فقد بطل ما ظنه من اختصاص الحاجة إليه بحال دون أخرى، على أنه لا فرق بين من قال: إن الإمام قد يجوز أن يستغنى عنه في الأمن عند الاستغناء من الحرب وبين من قال: وقد يجوز أيضا أن يستغنى عنه في الحرب وغيرها مما يدعي أنه يحتاج إليه فيه، وما يصحح الحاجة إليه في الحرب والمنازعات بمثله يصحح الحاجة إليه في جميع الأحوال، وقوله:
" لأنهم مع سلامة الأحوال قد لا يفعلون ذلك " لا ينكر غير أنهم إذا لم يفعلوه أعقبهم من الضرر والانتشار (6) ما هو معروف ولم يكن احتجاجنا

(1) المتعالم خ ل وكذلك في المغني.
(2) غ " دفعوا ".
(3) في الأصل " محادثة " وما أثبتناه من المغني.
(4) المغني 20 ق / 1 / 28.
(4) أي يجعله مستحيلا.
(6) الانتشار: التفرق.
(٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 ... » »»