وإن كنت مدعي علم الاكتساب (1) فبين طريقه،... (2) " فقد بينا ما الذي يعلم ضرورة من هذا الباب، وما الذي يعلم اكتسابا ونبهنا عليه، وجملته: أن المعلوم ضرورة من أن الناس لا يجوز أن يكون حالهم عند وجود الرؤساء المطاعين وانبساط أيديهم (3)، ونفوذ أوامرهم ونواهيهم، وتمكنهم من الحل والعقد، والقبض والبسط، والاحسان والإساءة كحالهم إذا لم يكونوا، في الصلاح والفساد، وإنما المشتبه الذي يرجع فيه إلى طريقة الاستدلال هل هو هذه حالهم عند كل رئيس؟! أو هو أمر يجوز اختصاصه ببعض الرؤساء دون بعض؟ وهل غير الإمام يقوم مقام الإمام في ذلك أو ممن لا ينوب منابه فيه،؟ وهل هذه الحاجة مستمرة لازمة، أو هي منقطعة يجوز ارتفاعها؟، فهذه الوجوه وما قاربها هي التي يمكن أن يقع الاختلاف فيها، وتبين الدليل الصحيح منها (4).
فأما ما قدمناه فلا طريق إليه من جهة الاستدلال لأنه في حيز الضرورات، وما هو معلوم بالعادات، وقد قدمنا أن من حمل نفسه على دفعه لم ينفصل ممن دفعه عما نعتقده في جميع العادات وغيرها.
وكيف لا يكون ما ذكرناه مستقرا في العقول، معلوما لسائر العقلاء ونحن نجد جميع حكماء الأمم يحضون (5) عليه، ويوصون به، ويحذرون