الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ١ - الصفحة ٥٣
والعدوان، أو رافع لذلك، فإن حمل نفسه حامل لنصرة مذهب له فاسد على أن يدفع ما ذكرناه في الرئاسة، وما يعلمه العقلاء من وجود الصلاح بها لم يجد فرقا بينه وبين من حمل نفسه أيضا على مثل ذلك فيما ذكر من خوف المضرة وكونه صارفا، ورجاء المنفعة وكونه داعيا.
فأما قوله: " ويبين (1) ذلك أن المعرفة أوجبنا كونها مصلحة للكل فليزمهم في الإمام أن يكون من مصالحه إمام ثان، ومتى جوزوا استغناءه عن إمام لزم ذلك في غيره (2)... " فبعيد عن الصواب لأن الوجه الذي من أجله أوجبنا كون الإمام لطفا لا يتعدى إلى الإمام، لأنه إنما يكون لطفا لمن لا يؤمن منه فعل القبيح دون من كان ذلك مأمونا منه. فكيف يلزمنا القول بحاجة الإمام إلى إمام مع عصمته وكماله، وأماننا من وقوع شئ من القبيح منه قياسا على حاجة الرعية التي لا يؤمن منها كل ما ذكرناه؟
ولو قيل أيضا: إن الإمام إنما ارتفعت حاجته إلى إمام من حيث لم يصح فيه أن يكون تابعا مأموما، وذلك لأن الدليل قد دل على أن الإمام لا بد من أن يكون معصوما كاملا وافرا غير مفتقر في شئ من ضروب (3) العلم والفضل إلى غيره، وإذا كان ذلك ثابتا فلو كان له إمام لم يكن بد من أن يكون مقتديا به في بعض الأفعال، ومستفيدا منه بعض العلوم. ومحتاجا إليه في تكميل أمر لم يحصل عليه، لأنه لا يجوز أن يكون إمام لا يفتقر إليه في شئ من هذه الخلال.

(1) في المغني " وتبين ذلك " ولا يستقيم المعنى إلا أن تكون " من ذلك ".
(2) المغني 20 ق 1 / 24.
(3) جمع ضرب - بسكون الراء - وهو الصنف
(٥٣)
مفاتيح البحث: الجواز (1)، الضرب (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 ... » »»