الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ١ - الصفحة ٦٢
تهدى الأمور بأهل الحزم ما صلحت * وإن تولت فللأشرار تنقاد (1) فالبيت لا يبتنى إلا بأعمدة * ولا عماد إذا لم ترس أوتاد (2) فإن تجمع أوتاد وأعمدة * وساكن بلغ الأمر الذي كادوا (3) فما يكون قول العقلاء والألباء (4) فيه هذا القول، ووصيتهم به جارية على هذا الوجه كيف يمكن اختلاف العقلاء فيه، وأنه أمر يستغنى عنه أحيانا ويحتاج إليه أحيانا؟!!
وليس لأحد أن يقول: فلعل من حكيتم عنه ما ذكرتموه غالط ومتوهم لخلاف الواجب لأنا لم نحتج بقوله على وجه يقدح فيه مثل هذا الكلام وإنما أردنا أن اعتقاد الحاجة إلى الرؤساء وعموم النفع بهم شامل للعقلاء، وأنه مما لا يختص به أحد فاستشهدنا بقول من قد صحت حكمته، وتبينت (5) معرفته بالسياسة وما يرجع إلى الأخذ بالحزم والتدبير ليكون أبلغ فيما قصدنا.
وبعد فكيف غلط هؤلاء فيما ذكرناه ولم يغلطوا في جميع ما وصوا به

(1) تهدى: ترشد، والحزم: ضبط الأمور.
(2) الأعمدة جمع قلة لعمود البيت. وفي الكثرة: عمد - بفتحتين - وعمد - بضمتين - وقرئ بهما قوله تعالى (في عمد ممددة) وفي رواية العقد الفريد ج 1 / 9 " إلا له عمد ".
(3) كادوا - هنا -: أرادوا، لأن كاد قد تأتي في مكان أراد، أنشد الأخفش:
كادت وكدت وتلك خير إرادة * لو عاد من لهو الصبابة ما مضى قال بعضهم في تفسير قوله تعالى (أكاد أخفيها) أريد أخفيها، كما وضع يريد موضع يكاد في قوله سبحانه (يريد أن ينقض).
(4) الألباء - بوزن أشداء - جمع لبيب - وهو العاقل، واللب: العقل.
(5) ثبتت خ ل.
(٦٢)
مفاتيح البحث: الحاجة، الإحتياج (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 ... » »»