الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ١ - الصفحة ٦٩
فأما قوله: " واعلم أن الذي يفعله العقلاء لا مدخل له في باب الإمامة لأنهم يفعلون ما يتصل باجتلاب المنافع، ودفع المضار.
والاستعانة بالغير عند الحاجة تدخل في هذا الباب، ولا فرق بين الاستعانة بوكيل يقوم بأمر الدار والضيعة (1) والاستعانة بأمير (2) يقوم بحفظ البلد " - إلى قوله -: " فلا فرق بين من يدعي نصب الإمام بهذه الطريقة وبين من يدعي جميع ما يتعلق باجتلاب المنافع ودفع المضار، ويجعله أصلا في هذا الباب، (3)... " فليس كما ادعاه من أن الحاجة إلى الإمام بخصوصه في اجتلاب المنافع ودفع المضار الدنيوية، بل الذي ذكره إن كان حاصلا فيها فقد يتعلق بها أمر ما يرجع إلى الدين، واللطف في فعل الواجبات، والاقلاع من المقبحات.
ألا ترى أنا قد دللنا على أن بوجود الرؤساء وانبساط أيديهم. وقوة سلطانهم يرتفع كثير من الظلم والبغي، ويخف أكثر ما يجري عند فقدهم من الفساد والانتشار؟ وكل ذلك يبين أن للرئاسة دخولا (4) في الدين قويا، وكيف يدفع تأثير الرئاسة في أمر الدين مع ما ذكرناه من تقليلها لوقوع كثير من المقبحات، وتكثيرها لفعل الواجبات؟
وليس لأحد أن يقول: لو كانت الرئاسة إما تجب من حيث كانت لطفا في واجبات العقول لم يجب على الناس إقامة الرؤساء، لأنه لا يجب عليهم أن يلطفوا لغيرهم في فعل الواجبات عليه، فإذا كان غرض من

(1) قال الأزهري: " الضيعة عند الحاضرة النخل والكرم والأرض والعرب لا تعرف الضيعة إلا الحرفة والصناعة ".
(2) غ " أمين ".
(3) المغني 20 / 30.
(4) دخلا، خ ل.
(٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 ... » »»