الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ١ - الصفحة ٥٧
المتعالم (1) أن أهل كل بلد إذا كان لهم رئيس يشارف (2) أحوالهم، ولا يغيب عنهم ويأخذ حالا بعد حال على أيديهم [ويقوم المعوج منهم، ويزيل الشتات (3) عنهم] (4) إنهم أقرب إلى الصلاح من أن يكون الرئيس في العالم واحدا (5) فقد بينا فيما سلف بطلان التعلق بهذا المعنى، وقلنا:
إن العقول لا تدل على إثبات عدد في الأئمة والرؤساء دون عدد، وأنه موقوف على ما يعلمه الله تعالى من الصلاح وليس يجب ما ظنه من اعتبار ما يوجب وجود الرئيس في كل مكان وفي كل بلد، لأنه إن أراد بذلك أن رئاسة ما يجب في كل بلد فهو صحيح، وعندنا أن الإمام وإن كان واحدا فيجب عليه أن يستخلف الخلفاء في البلدان. ويؤمر الأمراء في الأمصار. وإن أراد أنه لا بد من أن يكون الرئيس في كل موضع بصفة رئيس الكل وإمام الجميع فهو اقتراح طريف لا يدل عليه العقل، ولا يجب علينا التزامه من حيث أوجبنا الرئاسة في الجملة، والذي نبينه فيما بعد بمشيئة الله تعالى عند مصيرنا إلى موضع‍ [- ه] من صفة إمام الكل وأحواله وما يجب أن يكون عليه يكشف عن أن تلك الصفات لا يجب أن تكون لخلفائه والولاة من قبله.
فأما قوله: " ومتى قالوا: إن الإمام يولى في كل بلد، قلنا لهم:
ربما كان الصلاح أن لا يتبع الرؤساء بعضهم بعضا، وينقاد بعضهم

(1) تعالم القوم الأمر: علموا به، فهو متعالم.
(2) يقال: شارف: اطلع عليه من فوق.
(3) الشتات: التفرق.
(4) الزيادة من المغني.
(5) المغني 20 ق 1 / 25.
(٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 ... » »»