الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ١ - الصفحة ٧١
من العقلاء يستغني عن أن يكون له رئيس يأخذ على يده ويمنعه عن كثير مما يتسرع (1) بطباعه وهواه إليه من القبائح. وحكم سائر من يجوز عليه فعل القبيح من المكلفين حكم صاحب الضياع والأموال التي لا يتسع لتدبيرها والقيام بها، وكما أن من هذه حاله إذا ترك إقامة الوكيل والاستعانة به كان مفرطا مذموما موبخا (2) وأعقبه ذلك غاية الضرر فكذلك حال المكلفين متى خلوا من الرؤساء والأمراء.
وقوله: " فلا فرق بين من يدعي نصب إمام بهذه الطريقة... " إن أراد نصب الإمام المختص بالصفات التي يذكرها فقد تقدم أنا بهذه الطريقة وحدها لا نثبته، وإن أراد نصب رئيس في الجملة فهو الصحيح وقد أوضحناه.
فأما قوله: " على أنا قد بينا أن ما يكون طريقا لاجتلاب المنافع يحسن ولا يجب، وما يكون طريقا لدفع المضار قد يجب، وأن ذلك متعلق بغالب الظن، إلى آخر كلامه... (3) " فقد تقدم آنفا (4) ما يبطل ما ادعاه من اختصاص نصب الرؤساء بدفع المضار الدنياوية، واجتلاب المنافع العاجلة، ودلنا على أن للرئاسة تعلقا وكيدا بالدين بما لا يمكن دفعه.
فأما قوله: " وربما اجتمعوا على رئيس كافر، وربما اجتمعوا على رئيس مؤمن، ويحل ذلك محل اختلافهم في أغراضهم وشهواتهم، وما هذا حاله لا يجعل أصلا في باب الديانات، (5)... " فليس ننكر ما ذكره

(1) يتسرع: يبادر.
(2) التوبيخ: التهديد والتأنيب.
(3) المغني 20 ق 1 / 31.
(4) آنفا: سالفا.
(5) المغني 20 / ق 1 / 31.
(٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 ... » »»