الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ١ - الصفحة ٥٥
الطاعة كالملائكة (1) أن تستغني عن الإمام (2)... " فلا شك أن من كان معصوما فهو مستغن عن إمام يكون لطفا له في الامتناع من القبيح، وليس معنى المعصوم أكثر من أن يعلم أن يبقى على الطاعة ولا يخرج منها، ولا فرق في الاستغناء عن الإمام من هذا الوجه بين من المعلوم أنه يبقى على الطاعة كالملائكة وبين الأئمة والأنبياء.
فأما قوله: " لأن في العقلاء من إذا ترك واختياره، ولم يحصل تابعا لغيره ومنقادا له يكون أقرب إلى الصلاح. ومتى قهر على اتباع غيره كان من الصلاح أبعد... (3) " فإنا لا نشك أن من العقلاء من إذا قهر على اتباع غيره لم يستقم حاله، وكان إلى الفساد أقرب، غير أنه وإن لم يصلح حاله على من قهر على اتباعه لنفاره عنه وكراهته له أو لغير ذلك فلا بد من أن يكون ممن يصلح حاله أو يستقيم على غيره ممن يرتضيه ويميل إليه، ويؤثر رئاسته والانقياد له، وما ذكره إنما يكون قدحا في قول من قال:
" إن الصلاح حاصل عند وجود كل رئيس كائنا من كان " ولم نقل بهذا فيقدح به في قولنا والموضع الذي يحتاج إلى تحصيله، أن حال الناس لا يجوز أن يكون مع فقد رئيس ما في الجملة كحالهم عند وجوده، وإن كان لا يمتنع أن يكرهوا رئيسا دون رئيس ويفسدوا (4) عند رئاسة دون رئاسة، والذي يبين هذا ويكشفه أن الذي يفسدون ويضطربون عند إقامة بعض الرؤساء لو أقيم لهم من يختارونه ونصب لهم من يرضونه لسكنوا إليه،

(1) في مطبوعة المغني " كالملكية " ولم يعلق عليها المحقق.
(2) المغني 20 ق 1 / 25، (3) المغني 20 ق 1 / 25.
(4) ونفدوا، خ ل: ولعله نافدوا من نافده أي استفرغ جهده في الخصومة، ومنه الحديث (إن نافذتهم نافذوك) ورويت بالقاف يقال: ناقده: أي ناقشه.
(٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 ... » »»