فأما ما هو خاص من كل وجه فكخلق الولد لزيد، أو تثمير مال عمرو، فإنه لا يمتنع أن يكون لطفا في بعض تكاليفه، بل في واحد منها، وكذلك لا يمتنع أن يكون له لطفا (1) دون غيره من الناس، وكذلك أيضا في الأحوال حتى يكون لطفا في حال ولا يكون لطفا في أخرى، فإذا ثبت [ت] هذه الجملة فما المانع من أن يكون وجود الإمام لطفا لكل مكلف كان على صفته من يجوز فيه فعل القبيح وفي كل حال وإن جوزنا اختصاصه ببعض التكاليف دون بعض، فليس يجب إذا سوينا بينه وبين المعرفة لما ألزمنا الخصوم أن يكون مختصا بمكلف دون آخر، وبحال دون حال، وكان قصدنا بذلك إلحاقه بالمعرفة في شمول من اختص بالصفة التي ذكرناها من المكلفين وعموم الأحوال أن يلزمنا التسوية بينه وبين المعرفة في كل وجه.
على أنا لم يظهر لنا القطع على كون الإمام لطفا في كل الأفعال والتكاليف لظهوره فيما يتعلق بأفعال الجوارح لأنه لا يمتنع أيضا أن يكون لطفا فيما يختص القلوب من الاعتقادات والقصود (2)، لأن المعلوم من حال الناس أن صلاح سرائرهم كالتابع لصلاح ظواهرهم، واستقامة أمورهم. وحسن طريقتهم فيما يقع من أفعالهم الظاهرة من أبر الدواعي إلى استقامة ضمائرهم أيضا، وعلى هذا يمكن أن يكون الإمام لطفا في الكل.
وإنما تكلفنا ما تقدم من الكلام حيث كان هذا الوجه كأنه غير مقطوع عليه، ومما يمكن أن يعترض التجويز فيه بخلاف ما قررناه.