الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ١ - الصفحة ٣٢٤
الواقع من الإمام، ولا يدلهم عليه، ولا يسوغ لهم من تنبيهه والأخذ على يده ما يسوغ له أن يستعمله معهم، ولذلك لا يلزمه طاعتهم، وتلزمهم طاعته، وهذه الجملة لا خلاف فيها، لأن الإجماع منعقد على أنه لا بد من مزية ثابتة بين الإمام ورعيته في باب الطاعة، والأخذ على اليد وكيف لا يكون بين الإمام والمأموم مزية فيما ذكرناه ونحن نعلم أن المزية لو ارتفعت حتى يجب على كل حال واحد من طاعة الآخر في الشئ بعينه مثل ما يجب للآخر عليه لكان ذلك فاسدا مستحيلا لا يخفى على عاقل بطلانه، وإذا ثبت ما أردناه من المزية للإمام على الرعية في باب الطاعة، والأخذ على اليد استحال أن تكون العلة المحوجة إلى من له تلك المزية حاصلة في الإمام، لأنها لو حصلت فيه كحصولها في رعيته لاحتاج إلى مثله وقد مضى هذا الكلام مستوفى.
فأما قوله: " ثم يقال لهم على طريقة الابتداء: إذا كان الذي يقوم به الإمام هو الذي يقوم به الأمير ولا مزية له، ولم يجب في الأمير أن يكون معصوما، فكذلك في الإمام، لأن العصمة لو وجبت فيه لكان إنما تجب لأمر يقوم به لا شئ يرجع إلى خليقته (1) وأوصافه وتكليفه في نفسه " (2).
فقد بينا أن الذي يقوم به الإمام يفارق لما يقوم به الأمير، وأنه لا بد من مزية بين ما يتولاه الإمام والأمير، وذكرنا أن القول بتساوي ولايتهما يؤدي إلى القدح في الإجماع المنعقد، على أنه لا يصح في زمان واحد كون إمامين على أن لو كان الذي يقومان به ويتوليانه واحدا - كما يريد الخصوم - لم تجب عصمة الأمير قياما على عصمة الإمام، لأن الإمام لو لم يكن معصوما

(1) الخليقة: الطبيعة والجمع خلائق. وفي المغني " خلقته ". فيكون المعني الصورة.
(2) المغني 20 ق 1 / 96.
(٣٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 319 320 321 322 323 324 325 326 327 328 329 » »»