الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ١ - الصفحة ٢٧٣
المنكر) (١) ليس فيه دلالة على أنهم لا يأمرون إلا به حتى يستدل باتفاقهم على الأمر بالشئ على أنه حق، وإنما يبين بذلك أن هذه طريقة لهم (٢)، وسجيتهم على طريقة المدح، فلا يمنع من أن يقع منهم خلافه إذا لم يخرجهم من طريقة المدح، ولأن ذلك يوجب تقدم المعرفة بالمعروف والمنكر، ويخرج بذلك أمرهم من أن يكون دالا على أن المأمور به من قبلهم معروف، والمنهي عنه من قبلهم منكر، فكذلك قوله تعالى:
﴿جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس﴾ (3) ليس فيه دلالة على أنهم خيار عدول في كل شئ، وفي كل حال، ولا أنهم أيضا شهود بكل أمر وفي كل حال، وليس يمتنع أن يخرجوا من أن يكونوا شهداء، فلا يجب أن يكونوا عدولا، على أنه في هذا الكلام تارك لعموم القول بظاهره الذي لا يزال يتعلق به ويعتمده، لأن قوله تعالى (تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر) إذا أخذ على عمومه لم يسغ (4) ما ذكره من التجويز عليهم أن يأمروا بغير المعروف، لأن تجويز ذلك تخصيص للعموم الذي يقتضيه إطلاق القول على أصله، وليس يجب تقدم المعرفة لنا بالمعروف والمنكر كما ظنه، بل لا ينكر أن يكون المراد أنهم يأمرون بالمعروف الذي يعلمه الله تعالى كذلك، وينهون عن المنكر على هذا السبيل، فيكون اجتماعهم (5) على الأمر بالشئ دلالة على أنه معروف، ونهيهم عنه دلالة على أنه منكر، ولسنا نعلم من أي وجه يلزم أن يتقدم علمنا بالمعروف والمنكر في هذا القول؟

(١) آل عمران ١١٠.
(٢) طريقتهم، خ ل.
(٣) البقرة ١٤٣.
(4) خ " لم يسمع ".
(5) خ " إجماعهم ".
(٢٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 ... » »»