الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ١ - الصفحة ٢٣٥
كون الأمة عدولا فيجب نفي ما أثر في عدالتهم، والقطع بانتفاء الكبير من المعاصي عنهم وتجويز ما عداها عليهم (١)، ولا يخرجهم هذا التجويز من أن يكونوا حجة فيما لو كان خطأ لكان كبيرا، وقد يصح تمييز ذلك على وجه، فإن في المعاصي (٢) ما نقطع على كونها كبائر، ولو لم يكن إلى تمييز سبيل لصح الكلام أيضا من حيث كان الواجب علينا اعتقاد نفي الكبائر عنهم، وتجويز الصغائر، وإن شهادتهم لما لو لم يكن حقا لكانت الشهادة به كبيرة لا تقع منهم وإن جاز وقوع ما لم يبلغ هذه المنزلة ويكون هذا الاعتقاد مما يجب علينا على سبيل الجملة، وإن تعذر علينا تفصيل أعمالهم وأحوالهم (٣) التي يكونون فيها حجة مما خالفهم لا سيما وشهادتهم ليست عندنا فيجب علينا تمييز خطأهم من صوابهم، وإنما هي عند الله تعالى، وإذا كانت عنده جاز أن يكون الواجب علينا هو الاعتقاد الذي ذكرناه.
فأما قوله: " وقد قيل (٤): إن المراد بالآية ليس هو الشهادة في الآخرة، وإنما هو القول بالحق، والإخبار بالصدق، لقوله تعالى ﴿شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائما بالقسط﴾ (5) وكل من قال حقا فهو شاهد به، وليس هذا من باب الشهادة التي تؤدى أو تتحمل بسبيل، وإن كانوا مع شهادتهم بالحق يشهدون في الآخرة بأعمال العباد فيجب في كل ما أجمعوا عليه قولا واحدا أن يكون حقا، وفعلهم يقوم

(١) أي إذا كانت الصغائر جائزة على النبي - كما يقول - فعدم منافاتها لعدالة غيره أولى.
(٢) خ " من المعاصي ".
(٣) خ " وأقوالهم ".
(٤) في المغني: " وقد قيل: إن قوله عز وجل (لتكونوا شهداء على الناس) ليس المراد بذلك أداء الشهادة " الخ.
(٥) آل عمران ١٨.
(٢٣٥)
مفاتيح البحث: الشهادة (5)، الحج (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 230 231 232 233 234 235 236 237 238 239 240 ... » »»