القضاء بعمومها في جميع من كان بهذه الصفة في سائر الأعصار، لأن ظاهر العموم يقتضيه على مذهب من قال به فكان لا يسوغ حمل القول على إجماع كل عصر، لأنه تخصيص لا يجد مقترحه فرقا بينه وبين من اقترح تخصيص فرقة من كل عصر، وهذا يبطل الغرض في الاحتجاج بالآية.
وليس لأحد أن يقول: كيف يكون اجتماع جميع أهل الأعصار على الشهادة حجة وصوابا على ما ألزمتموناه ولا يكون إجماع جميع أهل كل عصر كذلك؟ لأن هذا مما لم ينكر كما لم يكن منكرا عند خصومنا أن يكون إجماع أهل العصر حجة وصوابا، وإن لم يكن اجتماع كل فرقة من فرقهم كذلك.
فإن قيل: بأي شئ يشهد جميعهم، وهم لا يصح أن يشاهدوا كلهم شيئا واحدا فيشهدوا به؟
قيل: قد تصح الشهادة بما لا يشاهد من المعلومات كشهادتنا بتوحيد الله عز وجل، وعدله، ونبوة الأنبياء عليهم السلام إلى غير ذلك مما يكثر تعداده.
ولو قيل أيضا: فعلى من تكون الشهادة إذا كان المؤمنون جميعا في الأعصار (1) هم الشهداء؟
قلنا: تكون شهادتهم على من لا يستحق الثواب، ولا يدخل تحت القول من الأمة، ويصح أيضا أن يشهدوا على باقي الأمم الخارجين عن الملة، وكل هذا غير مستبعد.
ومما يمكن أن يقال في أصل تأويل الآية: أن قوله تعالى (جعلناكم