مجمع البحرين - الشيخ الطريحي - ج ٤ - الصفحة ٦١٥
فائدة * (في تشبيهات القلب وحالاته) * قال الغزالي في كتاب الاحياء: القلب مثل قبة لها أبواب تنصب إليها الأحوال من كل باب، ومثل هدف ترمي إليه السهام من كل جانب، ومثل مرآة منصوبة يجتاز عليها الاشخاص فيتراءى فيها صورة بعد صورة، ومثل حوض تنصب إليه مياه مختلفة من أنهار مختلفة.
واعلم أن مداخل هذه الآثار المتجددة في القلب ساعة فساعة إما من الظاهر كالحواس الخمس، وإما من الباطن كالخيال والشهوة والغضب والاخلاق المركبة في أمزاج الانسان فإنه إذا أدرك بالحواس شيئا حصل منه اثر في القلب، وكذا إذا هاجت الشهوة أو الغضب حصل من تلك الأحوال آثار في القلب.
وأما إذا منع الانسان عن الادراكات الظاهرة فالخيالات الحاصلة في النفس تبقى، وينتقل الخيال من شئ إلى شئ، وبحسب انتقال الخيال ينتقل القلب من حال إلى حال، فالقلب دائما في التغير والتأثر من هذه الأسباب وأخص الآثار الحاصلة في القلب هي الخواطر وأعني بالخاطر ما يعرض فيه من الأفكار والاذكار، وأعني بها إدراكات وعلوما إما على سبيل التجدد وإما على سبيل التذكر، وأنها تسمى خواطر من حيث أنها تخطر بالخيال بعد أن كان القلب غافلا عنها، فالخواطر هي المحركات للإرادات، والإرادات محركة للأعضاء.
ثم هذه الخواطر المحركة لهذه الإرادة تنقسم إلى ما يدعو إلى الشر أعني إلى ما يضره في العاقبة، وإلى ما ينفع أعني ما ينفع في
(٦١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 609 610 611 612 613 614 615 616 617 618 619 » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب ك 3
2 باب ل 91
3 باب م 163
4 باب ن 256
5 باب ه 401
6 باب و 456
7 باب ى 571