درعا وعارية ثلاثين فرسا وثلاثين رمحا، وقال: والذي نفسي بيده إن الهلاك قد تدلى على أهل نجران، ولو لاعنوا لمسخوا قردة وخنازير ولاضطرم عليهم الوادي نارا، ولما حال الحول على النصارى كلهم حتى يهلكوا (1).
وفي هذه الآية أوضح دلالة على فضل أصحاب الكساء وعلو درجتهم وبلوغ مرتبتهم في الكمال إلى حد لا يدانيهم أحد من الخلق.
قوله تعالى: (يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم وما أنزلت التورية والإنجيل لا من بعده أفلا تعقلون) [3 / 65] قال المفسر: اجتمعت أحبار اليهود والنصارى عند رسول الله صلى الله عليه وآله، وزعم كل فريق منهم ان إبراهيم كان منهم، فقيل لهم إن اليهودية حدثت بعد نزول التوراة والنصرانية بعد نزول الإنجيل وبين إبراهيم وموسى ألف سنة وبينه وبين عيسى ألفان فكيف يكون إبراهيم على دين لم يحدث إلا بعد عهد بأزمنة كثيرة أفلا تعقلون؟
قوله: (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا) [3 / 95] أي قصده والسعي إليه، يقال حججت الموضع أحجه حجا من باب قتل: قصدته، ثم سمي السفر إلى بيت الله حجا دون ما سواه فالحج في اللغة القصد، وفي عرف الفقهاء قصد البيت للتقرب إلى الله تعالى بأفعال مخصوصة وبزمان مخصوص في أماكن مخصوصة. والحج فتحا وكسرا لغتان، ويقال الحج بالفتح المصدر وبالكسر الاسم.
قوله: (الحج) أي زمان الحج (أشهر معلومات) [2 / 197] أي معروفات للناس، يريد أن زمان الحج لم يتغير في الشرع. وهو رد على الجاهلية في قولهم بالنسئ وهو شوال وذو القعدة وذو الحجة عند المحققين من أصحابنا، وقيل تسعة من ذي الحجة وبه قال الشافعي، وقيل عشرة وبه قال أبو حنيفة، والأول أصح للفظ الأشهر على الحقيقة دون المجاز.