مجمع البحرين - الشيخ الطريحي - ج ١ - الصفحة ٤٤٧
قال بعض المحققين: استحقاق الثواب مشروط بالموافاة لقوله تعالى: (لئن أشركت ليحبطن عملك) [39 / 65] ولقوله تعالى: (ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر) الآية، وقوله تعالى: (فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار) فمن كان من أهل الموافاة ولم يلبس إيمانه بظلم كان ممن يستحق الثواب الدائم مطلقا، ومن كان من أهل الكفر ومات على ذلك استحق العقاب الدائم مطلقا، ومن كان ممن خلط عملا صالحا وآخر سيئا فإن وافى بالتوبة استحق الثواب مطلقا، وإن لم يواف بها فإما أن يستحق ثواب إيمانه أولا، والثاني باطل لقوله تعالى (من يعمل مثقال ذرة خيرا يره) فتعين الأول، فإما أن يثاب ثم يعاقب وهو باطل بالاجماع، لان من يدخل الجنة لا يخرج منها، فحينئذ يلزم بطلان العقاب أو يعاقب ثم يثاب وهو المطلوب، ولقوله عليه السلام في حق هؤلاء " يخرجون من النار كالحمم أو كالفحم فيراهم أهل الجنة فيقولون هؤلاء الجهنميون فيؤمر بهم فيغمسون في عين الحيوان فيخرجون واحدهم كالبدر ليلة تمامه ".
وبما قررناه يتبين أن الاحباط والموازنة باطلان، وذلك أن الوعيدية - وهم الذين لا يجوزون العفو عن الكبيرة - اختلفوا على قولين:
" أحدهما " - قول أبي علي، وهو أن الاستحقاق الزائد يسقط الناقص ويبقى بكماله، كما لو كان أحد الاستحقاقين خمسة والآخر عشرة، فإن الخمسة تسقط وتبقى العشرة، ويسمى الاحباط.
و " ثانيهما " - قول أبي هاشم ابنه، وهو أن يسقط من الزائد ما قابل الناقص ويبقى الباقي، ففي المثال المذكور يسقط خمسة ويبقى خمسة ويسمى بالموازنة.
وقد أبطلهما المحققون من المتكلمين بأن ذلك موقوف على بيان وجود الإضافات في الخارج كالاخوة والبنوة وعدمها، فقال المتكلمون بالعدم لأنها لو كانت موجودة في الخارج - مع أنها عرض مفتقر إلى محل - يكون لها إضافة إلى ذلك المحل، فنقول فيها كما قلنا في الأول ويلزم التسلسل وهو باطل، ويلزم
(٤٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 442 443 444 445 446 447 448 449 450 451 452 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب الف 21
2 باب ب 145
3 باب ت 278
4 باب ث 305
5 باب ج 337
6 باب ح 438
7 باب خ 614