مجمع البحرين - الشيخ الطريحي - ج ١ - الصفحة ١٠٤
وروى أن أسامة (1) بن زيد اشترى وليدة بمائة دينار إلى شهر فبلغ النبي صلى الله عليه وآله ذلك فقال ألا تعجبون من أسامة المشترى إلى شهر، إن أسامة لطويل الامل.
والسبب في طول الامل - كما قيل - حب الدنيا، فإن الانسان إذا أنس بها وبلذاتها ثقل عليه مفارقتها وأحب دوامها فلا يفتكر بالموت الذي هو سبب مفارقتها، فإن من أحب شيئا كره الفكر فيما يزيله ويبطله. فلا زال يمني نفسه البقاء في الدنيا. ويقدر حصول ما يحتاج إليه من أهل ومال وأدوات، فيصير فكره مستغرقا في ذلك فلا يخطر الموت بخاطره.
وان خطر بباله التوبة والاقبال على الاعمال الأخروية أخر ذلك من يوم إلى يوم ومن شهر إلى شهر ومن سنة إلى سنة، فيقول إلى أن اكتهل ويزول سن الشباب عنى فإذا اكتهل قال إلى أن أصير شيخا فإذا شاخ قال إلى أن أتمم عمارة هذه الدار وأزوج ولدي وإلى أن أرجع من هذا السفر.
وهكذا يؤخر التوبة شهرا بعد شهر وسنة بعد سنة.
وهكذا كل ما فرغ من شغل عرض له شغل آخر بل أشغال حتى يختطفه الموت وهو غافل غير مستعد، مستغرق القلب في أمور الدنيا فتطول في الآخرة حسرته فتكثر ندامته، وذلك هو الخسران المبين.
وأمل يأمل من باب طلب وتأمل الشئ: نظر فيه ليعلم عاقبته.
أم م قوله تعالى: (وإنه في أم الكتاب) [43 / 4] الآية يعني في أصل الكتاب، يريد اللوح المحفوظ. وأم الكتاب أيضا:
فاتحة الكتاب، وسميت أما لأنها أوله وأصله ولان السورة تضاف إليها ولا تضاف هي إلى شئ، وقيل سميت أما لأنها جامعة لأصل مقاصده ومحتوية على رؤس مطالبه، والعرب

(1) أسامة بن زيد بن حارثة ممن أكرمه النبي صلى الله عليه وآله بكثير الحباء.
وأردفه خلفه حين ذهابه إلى مكة وولاه إمرة الجيش في آخر حياته صلى الله عليه وآله.
لكنه لم يثبت على الطريقة الوسطى فانخرط أخيرا مع مناوئي أهل البيت عليهم السلام.
(١٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب الف 21
2 باب ب 145
3 باب ت 278
4 باب ث 305
5 باب ج 337
6 باب ح 438
7 باب خ 614