لسان العرب - ابن منظور - ج ١٤ - الصفحة ٢٥٨
ولت ودعواها شديد صخبه ذكر على معنى الدعاء. وفي الحديث: لولا دعوة أخينا سليمان لأصبح موثقا يلعب به ولدان أهل المدينة، يعني الشيطان الذي عرض له في صلاته، وأراد بدعوة سلى مان، عليه السلام، قوله: وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي، ومن جملة ملكه تسخير الشياطين وانقيادهم له، ومنه الحديث: سأخبركم بأول أمري دعوة أبي إبراهيم وبشارة عيسى، دعوة إبراهيم، عليه السلام، قوله تعالى: ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك، وبشارة عيسى، عليه السلام، قوله تعالى: ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد. وفي حديث معاذ، رضي الله عنه، لما أصابه الطاعون قال: ليس برجز ولا طاعون ولكنه رحمة ربكم ودعوة نبيكم، صلى الله عليه وسلم، أراد قوله: اللهم اجعل فناء أمتي بالطعن والطاعون، وفي هذا الحديث نظر، وذلك أنه قال لما أصابه الطاعون فأثبت أنه طاعون، ثم قال: ليس برجز ولا طاعون فنفى أنه طاعون، ثم فسر قوله ولكنه رحمة من ربكم ودعوة نبيكم فقال أراد قوله: اللهم اجعل فناء أمتي بالطعن والطاعون، وهذا فيه قلق. ويقال: دعوت الله له بخير وعليه بشر. والدعوة: المرة الواحدة من الدعاء، ومنه الحديث: فإن دعوتهم تحيط من ورائهم أي تحوطهم وتكنفهم وتحفظهم، يريد أهل السنة دون البدعة.
والدعاء: واحد الأدعية، وأصله دعاو لأنه من دعوت، إلا أن الواو لما جاءت بعد الألف همزت. وتقول للمرأة: أنت تدعين، وفيه لغة ثانية: أنت تدعوين، وفيه لغة ثالثة: أنت تدعين، بإشمام العين الضمة، والجماعة أنتن تدعون مثل الرجال سواء، قال ابن بري:
قوله في اللغة الثانية أنت تدعوين لغة غير معروفة.
والدعاءة: الأنملة يدعى بها كقولهم السبابة كأنها هي التي تدعو، كما أن السبابة هي التي كأنها تسب. وقوله تعالى: له دعوة الحق، قال الزجاج: جاء في التفسير أنها شهادة أن لا إله إلا الله، وجائز أن تكون، والله أعلم، دعوة الحق أنه من دعا الله موحدا استجيب له دعاؤه. وفي كتابه، صلى الله عليه وسلم، إلى هرقل: أدعوك بدعاية الإسلام أي بدعوته، وهي كلمة الشهادة التي يدعى إليها أهل الملل الكافرة، وفي رواية: بداعية الإسلام، وهو مصدر بمعنى الدعوة كالعافية والعاقبة. ومنه حديث عمير بن أفصى: ليس في الخيل داعية لعامل أي لا دعوى لعامل الزكاة فيها ولا حق يدعو إلى قضائه لأنها لا تجب فيها الزكاة. ودعا الرجل دعوا ودعاء: ناداه، والاسم الدعوة. ودعوت فلانا أي صحت به واستدعيته. فأما قوله تعالى: يدعو لمن ضره أقرب من نفعه، فإن أبا إسحق ذهب إلى أن يدعو بمنزلة يقول، ولمن مرفوع بالابتداء ومعناه يقول لمن ضره أقرب من نفعه إله ورب، وكذلك قول عنترة:
يدعون عنتر، والرماح كأنها أشطان بئر في لبان الأدهم معناه يقولون: يا عنتر، فدلت يدعون عليها. وهو مني دعوة الرجل ودعوة الرجل، أي قدر ما بيني وبينه، ذلك ينصب على أنه ظرف ويرفع على أنه اسم. ولبني فلان الدعوة على قومهم أي يبدأ بهم في الدعاء إلى أعطياتهم، وقد انتهت الدعوة إلى بني فلان. وكان عمر بن الخطاب، رضي
(٢٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 253 254 255 256 257 258 259 260 261 262 263 ... » »»
الفهرست