لسان العرب - ابن منظور - ج ١٤ - الصفحة ٩٥
مكان إلى مكان لفظ البناء تشبيها بذلك من حيث كان مسكونا وحاجزا ومظلا بالبناء من الآجر والطين والجص.
والعرب تقول في المثل: إن المعزى تبهي ولا تبنى أي لا تعطي من الثلة ما يبنى منها بيت، المعنى أنها لا ثلة لها حتى تتخذ منها الأبنية أي لا تجعل منها الأبنية لأن أبينة العرب طراف وأخبية، فالطراف من أدم، والخباء من صوف أو أدم ولا يكون من شعر، وقيل: المعنى أنها تخرق البيوت بوثبها عليها ولا تعين على الأبنية، ومعزى الأعراب جرد لا يطول شعرها فيغزل، وأما معزى بلاد الصرد وأهل الريف فإنها تكون وافية الشعور والأكراد يسوون بيوتهم من شعرها. وفي حديث الاعتكاف: فأمر ببنائه فقوض، البناء واحد الأبنية، وهي البيوت التي تسكنها العرب في الصحراء، فمنها الطراف والخباء والبناء والقبة المضرب. وفي حديث سليمان، عليه السلام: من هدم بناء ربه تبارك وتعالى فهو ملعون، يعني من قتل نفسا بغير حق لأن الجسم بنيان خلقه الله وركبه.
والبنية، على فعيلة: الكعبة لشرفها إذ هي أشرف مبني. يقال:
لا ورب هذه البنية ما كان كذا وكذا. وفي حديث البراء بن معرور:
رأيت أن لا أجعل هذه البنية مني بظهر، يريد الكعبة، وكانت تدعى بنية إبراهيم، عليه السلام، لأنه بناها، وقد كثر قسمهم برب هذه البنية. وبنى الرجل: اصطنعه، قال بعض المولدين:
يبني الرجال، وغيره يبني القرى، شتان بين قرى وبين رجال وكذلك ابتناه. وبنى الطعام لحمه يبنيه بناء: أنبته وعظم من الأكل، وأنشد:
بنى السويق لحمها واللت، كما بنى بخت العراق القت قال ابن سيده: وأنشد ثعلب:
مظاهرة شحما عتيقا وعوططا، فقد بنيا لحما لها متبانيا ورواه سيبويه: أنبتا. وروى شمر: أن مخنثا قال لعبد الله بن أبي أمية: إن فتح الله عليكم الطائف فلا تفلتن منك بادية بنت غيلان، فإنها إذا جلست تبنت، وإذا تكلمت تغنت، وإذا اضطجعت تمنت، وبين رجليها مثل الإناء المكفإ، يعني ضخم ركبها ونهوده كأنه إناء مكبوب، فإذا قعدت فرجت رجليها لضخم ركبها، قال أبو منصور: ويحتمل أن يكون قول المخنث إذا قعدت تبنت أي صارت كالمبناة من سمنها وعظمها، من قولهم: بنى لحم فلان طعامه إذا سمنه وعظمه، قال ابن الأثير: كأنه شبهها بالقبة من الأدم، وهي المبناة، لسمنها وكثرة لحمها، وقيل: شبهها بأنها إذا ضربت وطنبت انفرجت، وكذلك هذه إذا قعدت تربعت وفرشت رجليها. وتبنى السنام: سمن، قال يزيد بن الأعور الشني:
مستجملا أعرف قد تبنى وقول الأخفش في كتاب القوافي: أما غلامي إذا أردت الإضافة مع غلام في غير الإضافة فليس بإيطاء، لأن هذه الياء ألزمت الميم الكسرة وصيرته إلى أن يبنى عليه، وقولك لرجل ليس هذا الكسر الذي فيه ببناء، قال ابن جني، المعتبر الآن في باب غلامي
(٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 ... » »»
الفهرست