هذا الانشاء ملكية غير مقتضية للسلطنة المطلقة بل بحسب ما أنشأه الواقف ثانيا أن يكون بواسطة تعلق حق الغير به كما في الرهن بل والوقف الخاص أيضا بالنسبة إلى حق البطون اللاحقة ثالثها إن يكون لقصور يد المالك عنه لغصب أو غيبة ونحوها فهذا مما لا نقص في ملكيته من حيث هو ولكنه ليس متمكنا من التصرف فيه فيصح أن يراد بقيد التام الاحتراز عن خصوص القسم الأول أو مع الثاني وبقيد التمكن من التصرف عن الأخير وكيف كان فالأمر فيه سهل إذ ليس لهذا العنوان أي مفهوم التام بل ولا لفظ التمكن من التصرف من حيث هو اثر فيما عثرنا عليه من النصوص وأنما وقع ذكرهما في كلماتهم من باب التعبير والمتبع هو الدليل فنقول لو وهب له نصاب لم يجر في الحول إلا بعد القبض بناء على عدم حصول الملك قبله بل وكذا على القول بحصول الملك من حين العقد ولكنه مراعى بتحقق القبض على تقدير وجود قائل به كما صرح به في المسالك حيث قال بعد ذكر عبارة المتن سواء جعلنا القبض ناقلا للملك أم كاشفا عن سبقه بالعقد لمنع من التصرف فيه قبل القبض على التقديرين وأن أعترض عليه في المدارك بما لفظه و هو غير جيد لان هذا الخلاف غير واقع في الهبة وإنما وقع الخلاف فيها في كون القبض شرطا في الصحة أو اللزوم كما نقله الشارح في بحث الهبة وغيره إنتهى ولكن حكى عن كاشف الغطاء أنه أدعى أن مراد القائلين بكون القبض شرطا في اللزوم هو الكشف لا اللزوم المصطلح لان الهبة لا تصير بالقبض من العقود اللازمة إذ بعد القبض يجوز الرجوع في الهبة عند الكل إلا في المواضع الخاصة التي ذكروها وعينوها ولم يجعل أحد ممن له فهم مجرد القبض من الملزمات وصرح المحققون بأن مرادهم من كون القبض شرطا في اللزوم في الهبة ليس المعنى المعروف بل قالوا إن معناه أن العقد يوجب ملكية مراعاة بتحقق القبض إنتهى ملخصا وكيف كان فلا إشكال في أصل المسألة على كل تقدير كما أنه لا إشكال في جريانه في الحول بعد القبض بل ولا خلاف فيه على الظاهر المصرح به في كلام بعض وإن كان متزلزلا من حيث البقاء لاحتمال الرجوع فإن هذا غير مانع عن أن يتناوله عمومات أدلة الزكاة كما لا يخفى نعم لو رجع الواهب قبل الحول سقطت الزكاة ولو رجع بعد الحول وإمكان الأداء لم تسقط جزما وقدم حق الفقراء لتعلقه بالعين ولا يضمنه المتهب لان هذا الاستحقاق يجري مجرى الاتلاف بل وكذا لو رجع بعد تعلق الوجوب قبل إمكان الأداء لعين ما مر وإمكان الأداء إنما يجدي في ضمانه للفقراء مع التفريط لا في أصل الوجوب فما عن بعض من الاستشكال فيه والجزم بعدم وجوب الزكاة حينئذ لا على الواهب ولا على المتهب لعله في غير محله وأما ما لا يعتبر فيه حلول الحول كالغلات فيشترط في وجوب زكاته على المتهب حصول القبض قبل تعلق الوجوب بالنصاب وعدم رجوع الواهب حتى بلغ محل تعلق الوجوب عنده كما لا يخفى وكذا لو أوصى له أعتبر الحول بعد الوفاة والقبول لأنه وقت انتقال الموصي به إلى ملك الموصى له بناء على كون القبول ناقلا وأما لو قلنا بأنه كاشف عن انتقال الملك من حين الوفاة كما حكى عن بعض الأصحاب أعتبر أيضا حصوله لعدم تمكنه من التصرف فيه بعنوان كونه ملكا له قبله ولو اشترى نصابا من الحيوان جرى في الحول من حين العقد لا بعد الثلاثة لان الانتقال يحصل بالعقد لا بعد الثلاثة وخيار المشتري في الثلاثة لو لم يكن مؤكدا الملكية غير موجب لنقصها فضلا عن أن يكون مانعا من أن يتناوله عموم أدلة الزكاة نعم على القول بعدم انتقال الملك إليه إلا بعد انقضاء زمان الخيار كما نسب إلى الشيخ (ره) اتجه عدم جريانه في الحول إلا بعد الثلاثة كما هو واضح ولكن المبنى ضعيف وكذا لو شرط البايع وهما خيارا زائدا على الثلاثة يبنى على جريانه في الحول على القول بانتقال الملك والوجه أنه من حين العقد كما تقدمت الإشارة إليه في المدارك قال ربما ظهر من العبارة أن الخلاف في وقت الانتقال إنما وقع في الخيار المختص بالبايع أو المشترك بينه وبين المشتري مع أن الظاهر تحقق الخلاف فيه مطلقا فإن الشيخ (ره) حكم في الخلاف بأن المبيع لا ينتقل إلى ملك المشتري إلا بانقضاء الخيار سواء كان لهما أو لأحدهما لكنه قال أن الخيار إذا أختص بالمشتري ينتقل المبيع عن ملك البايع بالعقد ولا يدخل في ملك المشتري إلا بانقضاء الخيار ومقتضى ذلك سقوط زكاته عن البايع والمشتري وهو ضعيف جدا والأصح ما أختاره المصنف (ره) من حصول الملك بالعقد فيجري في الحول من حينه لكن سيأتي إنشاء الله تعالى أنه متى كان للبايع خيار فإن المشتري يمنع من التصرفات المنافية لخياره كالبيع والهبة والإجارة فإن ثبت أن ذلك مانع من وجوب الزكاة اتجه انتفاء خيار البايع لذلك لا لعدم انتقال الملك إنتهى وقد تبع في ما أورده على البناء المذكور جده في المسالك حيث قال بعد تفسير عبارة المتن ما لفظه ويشكل بأن الخيار متى كان للبايع أو لهما منع المشتري من التصرفات المنافية للخيار كالبيع والهبة والرهن والإجارة ونحوها وذلك ينافي في تمامية الملك فيصير كالوقف ونحوه مما يبيح له التصرف بالانتفاع دون النقل عن الملك إنتهى وربما وافقهما في هذا الاعتراض غير واحد من المتأخرين بل عن فوائد الشرايع أنه قال ولقائل أن يقول أين تمامية الملك والمشتري ممنوع من كثير من التصرفات إنتهى وهو في محله إن سلمنا كون خيار البايع من حيث هو مانعا عن سلطنة المشتري على نقل المبيع وإتلافه ولكنه غير مسلم بل هو من حيث هو ليس إلا كخيار المشتري في بيع الحيوان إلى ثلاثة إيام في عدم كونه مقتضيا إلا القدرة على فسخ العقد من حينه الموجب لعود كل من العوضين إلى ملك مالكه الأول على تقدير بقائه ومثله أو قيمته على تقدير تلفه وكون التصرفات الناقلة المتعلقة به بحكم التلف أو أن له بعد الفسخ استرجاعه ممن أنتقل إليه فيقع إلى الثالث مراعى بعدم فسخ مالكه الأول فيه كلام مذكور في محله وكيف كان فليس خيار الفسخ من حيث هو مقتضيا لتعهد من لا خيار له بحفظ ما أنتقل إليه وامتناعه من التصرفات الناقلة له فالتصرفات الناقلة ليست بنفسها منافية لحق صاحب الخيار فإن صاحب الخيار لا يستحق عليه منعه عن التصرف فيما أنتقل إليه قبل أن يفسخ وإنما حقه السلطنة على فسخ العقد الذي يتبعه استحقاق استرجاع العين مع بقائها ومثلها أو قيمتها لدى التعذر نعم في مثل خيار الشرط الذي هو بجعل المتعاقدين قد يتعلق غرض المتبايعين من جعل الخيار بأثبات السلطنة لصاحب الخيار على استرداد شخص العين كما لعله الغالب في خيار البايع بعكس خيار المشتري فيكون ذلك في قوة اشتراط إبقاء العين على المشتري وترك التصرفات المنافية له فهذا شرط آخر مستفاد من قرائن الأحوال خارج عما يقتضيه مفهوم أصل الخيار مع أن في وجوب الوفاء بمثل هذا الشرط ما لم يقع التصريح به في متن العقد
(٩)