في هذا الشئ الذي يقال عليه إنه مال العبد وأوضح من هذه الرواية دلالة على نفي الزكاة على مولاه صحيحة ثالثة لابن سنان أيضا عن أبي عبد الله (ع) قال قلت له مملوك في يده مال عليه زكاة قال لا قلت فعلى سيده قال لا لأنه لم يصل إلى السيد وليس هو للمملوك بناء على أن يكون المراد بالمال الذي في يده ماله الذي يضاف إليه عرفا الذي هو مورد الكلام فعلى هذا يكون ذيل هذه الرواية شاهدا لما هو المشهور من إن لا يملك ولكن لا صراحته بل ولا ظهور له في إرادة ماله لان المال الذي في يده أعم من ذلك بل ما في يده محكوم في الظاهر بكونه لمولاه وهو مأذون في التصرف فيه فيحتمل قويا بل قد يستشعر من ألفاظ الراوية سؤالا وجوابا ورودها في العبد المستقل بعمله الحاصل في يده من كسبه أو غير مال محكوم في الظاهر بكونه ملكا لمولاه فمثل هذا المال لا يجب زكاته على العبد وإن كان مأذونا في أصل الاكتساب و تحصيله لعدم كونه ملكا له ولا على مولاه لعدم وصوله إليه وكون يد العبد في حد ذاته أضعف من يد الوكيل أو كون المولى متمكنا شرعا من انتزاع ما في يده منه لا يجدي في تمكنه من التصرف فيه بالفعل قبل إيصاله إليه أو إعلامه به وتمكينه من التصرف فيه كي يجب الزكاة عليه وعلى تقدير أن يكون المراد بالمال الذي في يده هو ماله الذي يضاف إليه عرفا فلا بد من حمل قوله (ع) لأنه لم يصل إلى سيده على إرادة كونه بمنزلة المال المنقطع عنه الخارج عن تحت تصرفه واختياره لصيرورته بجعله للعبد كالطعام المعد للضيف الذي لا يسع صاحبه المنع عن أكله لمنافاته المروة ولكن إرادة هذا المعنى من الرواية لا يخلو من بعد إلا أن ما ذكرناه في توجيهها على تقدير أرادته من كون المال عرفا بحكم المال المنقطع عن سيده الخارج عن تحت تصرفه واختياره إن لم يكن بنفسه صالحا للاستدلال فلا أقل من كونه مؤيدا لما استظهرناه من الحسنة من عدم وجوب زكاة مال العبد على سيده أيضا وأن قلنا بكونه ملكا له في الواقع دون العبد فالقول بعدم تعلق الزكاة بمال العبد مطلقا تعويلا على ظاهر الحسنة المعتضد بغيره مما عرفت هو الأشبه خصوصا فيما هو مورد موثقة إسحاق المصرحة بعد حلية التصرف فيه لمولاه مع ما فيها من الإشارة إلى تعلق زكاة مال التجارة بماله الكاشف عن إن عدم وجوب الزكاة عليه ليس لأجل إنه لا يملك بل لكون ماله كمال الصبي فليتأمل وأما رواية علي بن جعفر فلا تصلح المعارضة ما عرفت إذ غايته ما يمكن كون تعليق ثبوت الزكاة على العبد على أذن مواليه مشعرا بوجوبها عليهم كون العبد بمنزلة الوكيل في تأدية الزكاة عنهم وهذا مما لا ينبغي الالتفات إليه في مقابل ما عرفت ولا فرق فيما ذكرناه من عدم وجوب الزكاة على المملوك بين القن والمدبر وأم الولد وكذا المكاتب المشروط عليه والمطلق الذي لم يؤد شيئا ضرورة صدق المملوك المنفي عنه الزكاة في النصوص السابقة على الجميع و يدل عليه أيضا في خصوص المكاتب مضافا إلى ما عرفت خبر أبي البختري عن الصادق عليه السلام ليس في مال المكاتب زكاة الظاهر في نفيها حتى عن السيد أيضا بالتقريب الذي عرفته في الحسنة السابقة وهذا مما لا ينبغي الارتياب فيه هاهنا حتى لو قلنا في غيره بوجوبها على السيد إذ ليس للمولى التصرف فيما له وانتزاعه منه ولو على القول بكون ملكا له ولو كان المكاتب مطلقا وتحرر منه شئ ولو جزءا يسيرا وجبت عليه الزكاة في نصيبه إذا بلغ نصابا بلا خلاف فيه على الظاهر بل ولا إشكال لثبوت المقتضي وانتفاء المانع لأنه مال جامع لشرائط الزكاة فيعمه عموم أدلتها وأدلة نفي الزكاة عن مال المملوك لا تسمله ولذا لا يجري على هذا النصيب شئ من أحكام المملوك بل في الحدائق أستشكل في أجراء حكم الرق بالنسبة إلى جزئه المملوك أيضا لولا الاتفاق عليه فقال ما لفظه و لولا الاتفاق على الحكم المذكور لأمكن المناقشة في دخوله تحت العمومات المذكورة يعني العمومات الدالة على سقوط الزكاة عن مملوك مطلقا فإن تلك العمومات إنما ينصرف أطلاقها إلى الافراد الشايعة المتكثرة وهي من كان رقا بتمامه لا من تبعض بأن صار بعضه حرا فإنه من الفروض النادرة إنتهى ولكن يتوجه عليه أن الاحكام المعلقة على المملوك جلها لولا كلها من قبيل تعليق الحكم على الوصف المناسب المشعر بالعلية المانع من أن يتطرق إليها دعوى الانصراف فهي بظاهرها من قبيل القضايا الطبيعية التي لا يتخلف حكمها عن شئ من مصاديقها كما لا يخفى والملك شرط في الأجناس كلها إجماعا كما ادعاه غير واحد بل هو من الواضحات التي لا مجال للارتياب فيه ضرورة إن الزكاة هي الصدقة المعهودة التي جعلها الله تعالى على صاحبي الأموال في أموالهم وإنما الكلام فيما ذكره المصنف وغيره من أنه لا بد أن يكون تاما ففي المدارك بعد أن ذكر اشتراط الملك قال وأما إشتراط تمام الملك فقد ذكره المصنف (ره) في هذا الكتاب وجمع من الأصحاب وهو لا يخلو من إجمال فأنهم إن أرادوا به عدم تزلزل الملك كما ذكره بعض المحققين لم يتفرع عليه جريان المبيع المشتمل على خيار في الحول من حين العقد ولا جريان الموهوب فيه بعد القبض فإن الهبة قد يلحقها مقتضيات كثيرة توجب فسخها بعد القبض من قبل الواهب وإن أرادوا به كون المالك متمكنا من التصرف في النصاب كما أومئ إليه في المعتبر لم يستقم أيضا لعدم ملائمته للتفريع ولتصريح المصنف بعد ذلك باشتراط التمكن من التصرف وإن أرادوا به حصول تام السبب المقتضي للملك كما ذكره بعضهم لم يكن فيه زيادة على اعتبار الملك وكيف كان فالمعتبر تحقق الملك خاصة وأما التمكن من التصرف فهو شرط آخر وسيجيئ الكلام فيه إنتهى وهو جيد اللهم إلا أن يقال أن المراد به عدم نقص الملك من حيث هو فإن الملك قد يكون طلقا وقد لا يكون كذلك ولكن لا بسبب العوارض الخارجية المانعة عن التصرف فيه فإن نقص الملك على ثلاثة أنحاء أحدها أن يكون لقصور ما يقتضيه عن إفادة السلطنة التامة التي ينتزع منها الملكية المطلقة كما في الوقف الخاص بناء على ما هو التحقيق من أن ماهيته التي يقصدها الواقف بإنشائه ليست إلا تحبيس العين وتسبيل المنفعة كما هو الوقف العام الذي هو من قبيل التحريرات كالمساجد والقناطر فإذا قال الواقف وقفت هذه الدار على أن يكون هذا الجزء منها مسجد للمسلمين وما عداها لأولادي نسلا بعد نسل مثلا لا يقصد من صيغة الوقف إلا مفهوما واحدا ولكن ينتزع عرفا من قصر منافع الدار على الموقوف عليهم وانقطاع علاقتها عن الواقف ملكيتها لهم إذ لا معنى للملكية عرفا إلا علاقة الاختصاص الحاصلة لهم بإنشاء الواقف وإن لم يقصد الواقف بإنشائه مفهوم التمليك بل المفهوم الملازم له ولكن الملكية الحاصلة
(٨)