مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ٣ - الصفحة ٨١
بعد دلالة الدليل الخارجي على عدم قابلية ماهية الزكاة التي هي عبارة عن تطهير المال كتطهير الثوب والبدن للتكرر تأكد مطلوبية هذه الماهية في مورد اجتماع السببين إنما هو فيما إذا أتحد حول الزكاتين وأما مع اختلافهما كما لو لم نعتبر فحول التجارة بقاء عين السلعة وكان مبدئه أول هذا الشهر ثم اشترى برأس ماله بعد مضي ستة أشهر مثلا أربعين سائمة للتجارة فعند انقضاء حول التجارة يتنجز في حقه التكليف بزكاتها المستحبة قبل أن يتحقق سبب الوجوب كما أنه لو كان الامر بالعكس بأن كان مبدء حول المالية أول هذا الشهر كما لو ملك ألف شاة سائمة للقنية مثلا ثم نوي بعد ستة أشهر التجارة وقلنا بكفاية القصد في صيرورتها مال التجارة أو عاوضها بمثلها بهذا القصد وقلنا بكفاية بقاء الجنس وعدم كون المعاوضة بالمثل موجبة لانقطاع حولها ينعكس فيتحقق سبب الوجوب قبل أن يوجد سبب الاستحباب فإذا أخرج زكاتها التي تنجز التكليف بها بالسبب السابق ثم بقي هذا المال إلى أن حال حول الثانية فهل يثبت بذلك زكاة أخرى حيث لم يتحد عامهما وإن اشتركا في بعضه وجهان بل قولان على ما صرح به في الجواهر أقربهما العدم فإن إختلاف حولهما بداية ونهاية لا يجعل العام الذي هو اسم لاثني عشر شهرا عامين فإن زكى هذا المال في هذا الشهر من جهة التجارة ثم زكاه بعد ستة أشهر مثلا من جهة العينية فقد صدق إنه زكى هذا المال من وجهين في ستة أشهر فضلا عن صدق كونه في عام واحد فقضية قوله (ع) لا يزكى المال من وجهين في عام واحد أنه مهما زكى مال من وجه لم يتعلق به زكاة أخرى حتى يحول عليه حول آخر غير الحول الذي أوجب عليه هذه الزكاة ولكن ليس مجرد دخول حول السبب الأول الموجب لتنجز التكليف بمسببه قاطعا لحول الاخر بل هو مراعي عن عهدته فلو لم يزك المال بالسبب الأول إلى أن يتحقق السبب اللاحق لم ينقطع حوله ولكن لا يترتب على حوله بعد تحققه إلا ما تأكد المطلوبية كصورة اتحاد عاميهما لا تعدد المطلوب فلو مكث عنده هذه الشياه التي إشتراها في أثناء حول التجارة عشر سنين لطلب الفضل على رأس المال وكان مبدء حول التجارة أول شهر محرم ومبدء شراء الشياه أول صفر يتنجز الامر بزكاة التجارة في حقه ندبا عند حول حولها في كل سنة وبزكاة المالية وجوبا كذلك فمجموع الأوامر المتوجهة إليه في مجموع هذه المدة عشرة وعشرة منها وجوبية وعشرة ندبية ولكن الفعل المطلوب منه بمجموع هذه الأوامر عشرة أفراد من الزكاة لكل سنة فردا من أفرد زكاة التجارة أو زكاة العين والتخيير بينهما عقلي ينشأ من العلم بأن المال الواحد لا يزكي في عام مرتين من وجهين وإنه إذا زكى من وجه سقط الاخر فيكون سقوط الاخر الغير الموافق له من باب دفع البدل لا إخراج الفريضة بعينها كما لا يخفى على المتأمل. المسألة الثالثة: لو عاوض أربعين سائمة للتجارة سقط وجوب المالية والتجارة أي انقطع حولهما الذي هو سبب الوجوب وأستأنف الحول فيهما فإن مضي شرائط كل منهما مجتمعة اندرج في موضوع المسألة السابقة التي استقصينا الكلام فيها وإن أختل الشرائط في أحديهما كما لو صارت السائمة معلوفة أو نوى بمال التجارة القنية أثرت الأخرى أثرها ويظهر من تعبير المصنف (ره) بلفظ السقوط واستيناف الحول فيهما أن مراده بالأربعين الأولى أيضا مال التجارة فيفهم من ذلك إن المصنف (ره) يعتبر في زكاة التجارة أيضا كالمالية بقاء عين السلعة في الحول ولكن أدعى العلامة في التذكرة وولده في الايضاح والشهيدان وغيرهم على ما حكي عنهم الاجماع على خلافه وأنه لا يشترط بقاء عين السلعة طول الحول بل قيمتها وبلوغ قيمتها النصاب ولذا تكلف الشهيد الثاني في توجيه العبارة ربما لا ينافي الاجماع فحمل الأربعين الأولى على إنها للقنية وحمل سقوط التجارة على الارتفاع الأصلي قال وغايته أن يكون مجازا وهو أولى من اختلال المعنى مع الحقيقة انتهى وهو جيد وعن المحقق الثاني أنه وجه في حاشية الكتاب سقوط زكاة التجارة هنا بما لا يخالف الاجماع أيضا فقال إن ما مضى ينقطع بالنسبة إلى المالية والتجارة معها أما المالية فلتبدل العين في أثناء الحول وأما التجارة فلان حول المالية يبتدء من حين دخول الثانية في ملكه فيمتنع اعتبار بعضه في حول التجارة لان الحول الواحد كما لا يمكن اعتباره للزكاتين فكذا يعضه وفيه ما لا يخفى إذ بعد الغض عما حققناه آنفا من عدم المانع عن مشاركتهما في بعض الحول بل ولا في تمامه طنه قد يختل شرط الثانية قبل تمام حولها فإن كان مجرد كون المال الذي أنتقل إليه زكويا مانعا عن اعتبار حول التجارة فيه لم تكن الأربعين الأولى المفروض كونها للتجارة أيضا كالثانية متعلقة لزكاة التجارة حتى يصح بالنسبة إليها إطلاق اسم السقوط والاستيناف بل كانت زكاة التجارة ساقطة من حين صيرورة متعلقها زكويا إلى أن ينتقل بمال غير زكوي فيستأنف لها حولا من هذا الحين وإن لم يكن مانعا إلا على تقدير جامعية الأربعين زكاة العين بها فيكون عدم تعلق زكاة التجارة بها مراعى بعدم اختلال شئ من شرائط العين فالأربعين الأولى حيث تبدلت كشف ذلك عن اعتبار حول تجارتها بحيث لو كان بدلها جنسا غير زكوي لتنجز في حقه التكليف بزكاة التجارة بعد تمام حولها ولكن لما كانت الثانية أيضا زكاته لا يتعلق بها زكاة التجارة لو بقيت جامعة للشرائط الا أن يحول عليها الحول وأما لو أختل شرطها فليست مانعة عن زكاة التجارة كالأولى فلا معنى لاستيناف حول التجارة من حين دخول الثانية في ملكه لأنه إن كان لحول التجارة أثر في المال الزكوي ولو مع التبدل فمبدئه من حين الاخذ في التجارة لا من حين المعاوضة و إلا فلا معنى لاستيناف حول لها وكيف كان فظاهر عبارة المتن بملاحظة ما وقع فيه من التعبير بالسقوط والاستيناف إن حول التجارة أيضا ينقطع بالتبدل فالبحث يقع في مقامين الأول في انقطاع حول المالية بذلك وهذا هو المشهور وقيل لا ينقطع بلى يثبت زكاة المال مع تمام الحول دون زكاة التجارة التي تسالموا على عدم اجتماعها مع المالية لان إختلاف العين لا يقدح في الوجوب مع تحقق النصاب في الملك وهذا القول منقول عن الشيخ في مبسوطه وقد تقدم تحقيق الحال فيه لدى البحث عما يعتبر فيه الحول من الأجناس الزكوية وقد عرفت فيما تقدم إن الأول أشبه بأصول المذهب وقواعده وأما الثاني أي انقطاع حول التجارة بالتبدل كما استظهر من المتن فهو بحسب الظاهر خلاف المشهور بل قد سمعت عن غير واحد دعوى الاجماع على خلافه حتى إن الشهيد والمحقق الثانيين تكلفا في توجيه عبارة المتن بما لا يخالف الاجماع قال فخر المحققين في محكي الايضاح لا خلاف بين الكل في بناء حول التجارة على حول الأولى وإنما النزاع في بناء العينية فعند والدي المصنف (ره) وجماعة أنه يستأنف
(٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 ... » »»