المتاع كما لا يخفى على من راجع العرف في معاملاتهم بل قد يقال بمثل ذلك فيما لو اشتراه بنقد ثم زادت قيمة ذلك النقد كما في المثال المتقدم فالانصاف إن المسألة مطلقا موقع تردد وسبيل الاحتياط غير خفي والذي يهون الخطب كون الحكم من أصله استحبابيا قابلا للمسامحة فيه وفي دليله والله العالم. المسألة الثانية:
إذا ملك أحد النصب الزكوية للتجارة مثل أربعين شاة أو ثلاثين بقرة أو عشرين دينارا أو نحو ذلك سقطت زكاة التجارة المستحبة ووجبت زكاة المال الواجبة ولا يجتمع الزكاتان في الجواهر بلا خلاف كما في الخلاف بل في الدروس ومحكي التذكرة والمعتبر والمنتهى الاجماع عليه والأصل فيه النبوي المشهور ولا شئ في الصدقة في القاموس لا شئ في الصدقة كالى أي لا تؤخذ مرتين في عام وقول الصادق عليه السلام في حسنة زرارة لا يزكى المال من وجهين في عام واحد ويشكل ذلك على القول بوجوب زكاة التجارة إذ لا دليل حينئذ على تعيين هذه للسقوط بل قد يستشكل فيه على القول بالاستحباب أيضا إن لم يكن إجماعيا كما ستعرف وقيل يجتمع الزكاتان هذه وجوبا وهذا استحبابا في المدارك هذا القول مجهول القائل وقد نقل المصنف (ره) في المعتبر الاجماع على خلافه فقال ولا يجتمع زكاة العين والتجارة في مال واحد اتفاقا ونحوه قال العلامة (ره) في التذكرة والمنتهى أقول فهذا القول مع شذوذه وعدم معروفية القائل به محجوج بالخبرين المعتضدين بعمل الأصحاب واجماعاتهم المنقولة المستفيضة ولولا كونه كذلك لكان أشبه بالقواعد فإن مقتضى عمومات زكاة التجارة في مثل قوله عليه السلام كل ما عملت به إذا حال عليه الحول ففيه الزكاة سببية حول الحول على هذا المال من حيث كونه ما لا معمولا لثبوت الزكوية فيه أي التصديق بربع عشره من حيث المالية وقضية إطلاق ما دل على سببية حول الحول على الأجناس الزكوية لوجوب فريضتها وجوب إخراج شاة من الأربعين شاة التي حال عليها الحول مطلقا للتجارة أو غيرها ولا معارضة بين دليليهما إذ لا تنافي بين الامرين لولا دليل تعبدي على إنه لا يزكي مال من وجهين في عام وقد ظهر بما أشرنا إليه من إختلاف ماهية الزكاتين ذاتا وإنها في الأولى هي ربع عشر المال من حيث ماليته وفي الثانية فريضتها المسماة باسمها إنه لا دخل لهذه المسألة بمسألة تداخل الأسباب التي أختلف الآراء فيها في أن الأصل فيها التداخل أو عدمه نعم يتفق في مثل المقام تصادق عنوان كل من المسببين الذين تعلق التكليف فيهما عند حصول سببيهما على فرد خارجي جامع للعنوانين كما لو وجد في الأربعين شاة التي ملكها بقصد التجارة شاة قيمتها ربع عشر قيمة المجموع فقد يقال في مثل الفرض بجواز الاجتزاء بذلك الفرد في الخروج عن عهدة كلا التكليفين وهو كلام خارج عن محل البحث وقد تقدم تحقيقه في مبحث تداخل الاغتسال من كتاب الطهارة ولا دخل له بالمقام إذ الكلام هاهنا في أصل الاجتماع لا في جواز الاكتفاء بزكاة واحدة جامعة للعنوانين في الخروج عن عهدة التكليف بهما بعد تسليم أصل الاجتماع فمقتضى الأصل فيما نحن فيه أي إطلاق دليل كل من الزكاتين أو عمومه اجتماعهما في المقام ولكن الخبرين الدالين على إنه لا يزكي من وجهين في عام واحد حاكمان على هذا الأصل ولكن يبقى الاشكال فيما جزم به المصنف وغيره بل يظهر من تصريحاتهم وتلويحاتهم المفروغية عنه من تعين زكاة التجارة للسقوط بناء على استحبابها كما هو المعروف عندهم وعللوه بأن الواجب مقدم على الندب وأورد عليه في الجواهر بأن ذلك عند التزاحم في الأداء بعد معلومية وجوب الواجب وندبية المندوب لا في مثل المقام الذي اقتضى دليل كل من التكليفين ثبوته من غير أن يعارضه دليل الآخر عدى أنه علم من دليل خارجي إن أحد هذين التكليفين المعين في الواقع المبهم عندنا مرفوع عن المكلف فلا بد من دليل معتبر بعينه ولا يكفي الظن الناشي من اعتبارات ونحوها ثم قال ما لفظه فالمتجه إن لم يثبت إجماع التوقف حينئذ في الحكم بسقوط أحدهما على التعيين كما أن المتجه الرجوع في العمل إلى أصل البراءة لكن الاحتياط لا ينبغي تركه إنتهى أقول أما المناقشة فيما ذكروه دليلا لسقوط زكاة التجارة بما ذكر ففي محلها ولكن الدليل الخارجي الدال على إنه لا ثني في الصدقة لم يدل إلا على نفي مشروعية تكريم الصدقة وإن يزكي المال في عام واحد من هذه الجهة وهذه الجهة بأن يزكي مرتين ولا ملازمة بين هذا المعنى وبين سقوط إحدى الزكاتين وعدم مشروعيتها من أصلها عينا أو تخييرا لامكان أن يكون ذلك من باب تداخل المسببات بأن يكون المقصود بالأصالة من شرع كل من الزكاتين إيصال شئ من هذا المال المفروض كونه أربعين سائمة إلى الفقير بأي وجه من الوجهين الذين تعلق الطلب بهما فإذا دفع ربع عشره إلى الفقير بقصد زكاة التجارة فقد حصل الغرض من الامر المتعلق بزكاة العين وإن لم يكن عين ما تعلق به طلبها بل مثلها من حيث المالية أو مع اختلاف بينهما في القيمة غير مقتض لبقاء الطلب بعد حصول معظم ما تعلق به الغرض منه أو دفع شاة من الأربعين شاة بقصد زكاة العين فقد أجزء عن زكاة التجارة بحصول الغرض أو مع اختلاف بسير غير مناف للاجزاء فيكون على هذا التقدير حال تزكية المال حال تطهر الثوب والبدن عن القذرات الشرعية التي تجب إزالة بعضها ويندب إزالة بعض كبول الحمار وبول الانسان في كون الغسل المزيل لأحدهما مزيلا للاخر وعدم مشروعية تكريره أو كحال الاغتسال المتداخلة المجتمعة من الواجبة والمندوبة التي قد عرفت في محلها أنه يجزيه غسل واحد بنية الجميع من غير أن يستلزم ذلك ارتكاب تخصيص أو تقييد في شئ من أدلتهما وليس معنى قوله عليه السلام لا يزكي المال من وجهين في عام أنه لا يجوز أن يقصد بزكاته كونها زكاة تجارة عين مثلا كي يلزمه عدم كون كل من العنوانين المتصادقين على المورد متعلقا للطلب بل معناه أنه إذا زكى مال من جهة ككونه مال تجارة أو كونه مملوكا لهذا الشخص لا يزكي هذا المال مرة أخرى من جهة أخرى ككونه أربعين سائمة أو كونه في ذمة شخص آخر كما لا يخفى على من تدبر فيه وفي مورده والحاصل أنه لا يستفاد من قوله عليه السلام لا يزكي من وجهين في عام ولا من قوله صلى الله عليه وآله لا ثنى في الصدقة ورد تخصيص أو تقييد على عموم قوله (ع) كل مال عملت به إذا حال عليه الحول ففيه الزكاة وقوله عليه السلام في كل أربعين شاة شاة بالنسبة إلى مثل الفرض الذي تصادق عليه العنوانان إذ لا مانع عن إرادة العموم من كل منهما وكون تصادق العنوانين على المورد موجبا لتأكد مطلوبية الزكاة فيه كتأكد مطلوبية غسل الثوب الذي أصابه بول إنسان وبول الحمار مقدمة لازالتهما الواجبة في أحدهما والمندوبة في الآخر فما ذكره قدس سره في ذيل كلامه من أن المتجه الرجوع في العمل إلى أصل البراءة لا يخلو من نظر فليتأمل ثم إن ما ذكرناه من أن مقتضى عموم أدلة كل من الزكاتين