بالدوالي فكان الإمام عليه السلام أراد بالاستفصال استكشاف هذا المعنى وإلا فسوق كلام السائل يشهد بأن السقي بالدوالي كان أكثر بمراتب من سقية أو سقيتين والحاصل إن إناطة الحكم بأكثرية طبيعة السقي الذي يحتاج إليه الزرع في حياته ونمائه أولى بالاعتبار وأقرب إلى الذهن بعد التدبر في النص والفتوى وقد أشرنا إلى أن هذا بحسب الظاهر هو مراد من جعل المدار على الأكثرية زمانا كما يشعر بذلك ما ذكروه دليلا له من أن السقية بالسيح قد تساوى عشرا بالناضح وقد حكي القول به عن التذكرة والقواعد والايضاح والدروس والموجز الحاوي وكشف الالتباس وتعليق النافع وجامع المقاصد ويحتمل قويا رجوع القول باعتبار الأكثرية زمانا أيضا إلى ما قويناه وإلا فهو ضعيف ودعوى استفادته من الاستفصال الوراد في الخبر المزبور مدفوعة بما عرفت وهل يكفي في الأكثرية المعتبرة في المقام مطلقها أي الأكثرية الحقيقية الحاصلة بزيادة واحدة بناء على اعتبار العدد فلو كان السقي بأحدهما ثلثين و بالأخرى إحدى وثلاثين سقية لكان الحكم تابعا للثاني أم الا كثيرة العرفية بأن كان التفاوت بينهما بمقدار يعتد به عرفا بحيث لو سئل عن إنه هل يسقي هذه الزراعة بالدوالي أو سيحا لقيل بهما ولكن السيح مثلا أغلب أم لا يكفي ذلك أيضا بل الغلبة الملحقة للنادر بالمعدوم بأن يكون غير الأكثر بمقدار لا يعتد به عرفا كالسقي والسقيتين بالنسبة إلى الزرع المحتاج إلى سقيات كثيرة مما لا يمنعه عرفا عن إطلاق اتصاف سقيه بكونه بما هو الغالب فيه وجوه من صدق الأكثر حقيقة بمطلق الزيادة ومن انصراف الفتاوى ومعاقد الاجماعات إلى الكثرة العرفية ومن أن عمدة الدليل هو النص والقدر المتيقن منه الأكثرية بالمعنى الأخير بل هذا هو المنساق من إطلاق الجواب عن سؤاله الأول من غير استفصال حيث إن المنساق من سؤاله الأول إن المفروض في مورد معا إذا حصل السقي بكل منهما بمقدار يعتد به بحيث يصح أن يقال إنه أجتمع فيه الأمران سواء تساويا أم كان أحدهما أكثر وتنزيل إطلاقه على صورة التساوي عددا أو زمانا أو نفعا تنزيل على فرض نادر الحصول وعلى تقدير حصوله نادر الاطلاع عليه فالمنساق من سؤاله وجوابه إن الأرض التي تسقى بالدوالي ثم يزيد الماء فتسقى سيحا يجب في نصف محصولها نصف العشر وفي نصفه العشر ولما كان إطلاق هذا السؤال وجوابه منصرفا عما إذا كان السقي بالسيح بمقدار غير معتد به سئله ثانيا عن ذلك فقال تسقى بالدوالي ثم يزيد الماء فتسقى السقية والسقيتين سيحا فأجابه (ع) بأن فيه نصف العشر واحتمال أن يكون المراد بالجواب خصوص صورة التساوي بأن يكون قوله النصف والنصف مبتدأ خبر نصف بنصف العشر ونصف بالعشر فيكون قوله (ع) النصف والنصف مجموعة بمنزلة كلمة واحدة قائمة مقام لفظ المتساوي في السقي بهما فكأنه قال في الجواب المتساوي في السقي بهما نصفه بنصف العشر ونصفه بالعشر خلاف ما يتبادر منه ولذا رجح في الجواهر هذا الوجه ووجه كلمات الأصحاب أيضا بما لا ينافيه بتنزيل قولهم فإن تساويا على إرادة التسوية في النسية بحيث يطلق عليه أنه سقي بهذا وبهذا وحمل الأكثرية الواقعة في كلماتهم على الأكثرية المنافية لهذا الصدق بإرادة الكثير الملحقة للنادر بالمعدوم وهو في حد ذاته وجيه ولكن تنزيل كلمات الأصحاب عليه في غاية البعد إلا أن إقامة الدليل على ما هو المشهور لو لم يؤل كلماتهم بما يرجع إلى ما أختاره في الجواهر مشكل إلا بمؤنة الاجماع على تقدير تحققه إذ غاية ما يدل عليه الخبر المزبور هو أنه إذا كانت الأرض تسقى بالدوالي لا يؤثر السقية والسقيتين سيحا في تغيير حكمها بإيجاب أكثر من نصف العشر الذي يقتضيه السقي بالدوالي وأما ما زاد على ذلك كالثلاث والأربع و الخمس وكذا حكم صورة العكس وهو ما إذا كان السقي بالدوالي مرة أو مرتين يمكن استفادته من الخبر المزبور وقياسه على عكسه كقياس ما زاد على السقيتين على ما دونه قياس مع الفارق كما لا يخفى وقد تلخص مما ذكر أن الأشبه هو أنه إذا كانت السقية والسقيتان فما زاد سيحا أو بالدوالي إلى حالها حال الأمطار بالمقايسة إلى ما يسقى سيحا أو بالدوالي في عدم كونها مؤثرة في تغيير الزرع عما كان يوصف به عرفا من كونه سقى سيحا أو بالدوالي فيلحقه حكم الاسم الذي يطلق عليه في العرف وإن كانت موجبة لسلب توصيفه بأحدهما على الاطلاق بل بهما معا ففي نصفه العشر وفي نصفه نصف العشر والله العالم المسألة الثانية: إذا كان له نخيل أو زروع في بلاد متباعدة يدرك بعضها قبل بعض ضممنا الجميع وكان حكمها حكم الثمرة في الموضع الواحد في وجوب الزكاة فيها لدى اجتماع شرائطه بلا خلاف فيه على الظاهر بل في التذكرة دعوى إجماع المسلمين عليه كما ستسمعه في عبارته الآتية وعن المنتهى أنه قال لو كان له نخل يتفاوت إدراكه بالسرعة والبطؤ فإنه يضم الثمرتان إذا كان العام واحد وإن كان بينهما شهر أو شهران أو أكثر ولا نعرف في هذا خلافا إنتهى ويدل عليه مضافا إلى الاجماع عموم أدلتها الغير القاصر عن شمول مثل هذه الفروض فما أدرك وبلغ نصابا أخذ منه ثم يؤخذ من الباقي قل أو كثر وإن سيق ما لا يبلغ نصابا تربصنا في وجوب الزكاة أدراك ما يكمل نصابا سواء أطلع الجميع دفعة أو اختلف الأمران كما في ثمرة بستان واحد ولكن في الجواهر بعد نقل عبارة المصنف (ره) أستدرك فقال نعم يعتبر بقاء الناقص عن النصاب على اجتماع شرائط الزكاة من الملكية ونحوها إلى أن يدرك ما يكمله كذلك كما هو واضح أقول استفادة اعتبار بقاء الناقص في ملكه وعدم إتلافه إلى أن يدرك ما يكمل به النصاب في وجوب الزكاة من النصوص والفتاوى لا يخلو من خفاء بل قد يقال إن مقتضى إطلاقهما أنه متى بلغ نماء زروعه وثمره نخليه وكرومه بعد إخراج حصة السلطان واندراج مؤنتها خمسة أوسق فما زاد يجب فيها الزكاة سواء أدرك الجميع دفعة أو تدريجا وسواء بقي ما أدرك تدريجا في ملكه حتى يكمل النصاب أو باعه شيئا فشيئا أو أكله كذلك أو غير ذلك من التصرفات الناشئة عن اختياره الغير المنافية لصدق أنه بلغ ما حصل في يده في هذه السنة من نماء زرعه أو ثمرة نخيله خمسة أوسق فما زاد ودعوى انسياق إرادة المجتمع في الملكية إلى الذهن من إطلاق مثل قوله (ع) ما أنبتت الأرض من الحنطة والشعير و التمر والزبيب ما بلغ خمسة أو ساق ففيه العشر ممنوعة نعم لا يبعد أن يقال إن ظاهر قوله (ع) ففيه العشر إرادة الكسر المشاع الساري في مجموع النصاب المتوقف على وجوده حال تعلق التكليف ويمكن دفعه بأن المنساق من هذه العبارة إرادة الحكم الوضعي وبيان سببية بلوغ ما أنبتته الأرض من هذه الأجناس إلى هذا الحد لتعلق حق
(٧٠)