بل السبعمأة بل الثمانمائة بل الأزيد من ذلك إذا كان أصلها أو ربحها لا يقوم بمؤنته وتحرم على صاحب الخمسين فما دون إذا كان قادرا على الاكتساب بها بمقدار كفايته اعتبارا بعجز الأول عن تحصيل الكافية وتمكن الثاني كما وقع التصريح بذلك في أخبار الباب كموثقة سماعة وغيرها من الروايات المتقدمة ويعطى الفقير من الزكاة ولو كان له دار يسكنها أو خادم يخدمه إذا كان لا غنى به عنهما بلا خلاف فيه على الظاهر بل الظاهر أن ذكر الدار أو الخادم في المتن وغيره جار مجرى التمثيل لكل ما يحتاج إليه كأثاث البيت وثياب التجميل وفرس الركوب وكتب العلم وغير ذلك مما تمس الحاجة إليه ولا يخرج بملكه عرفا عن حد الفقر إلى الغنى كما نص عليه في الجواهر وغيره ويدل عليه خبر عبد العزيز المتقدم في أوائل البحث لدى شرح حال الفقير والمسكين الذي وقع فيه التصريح بحمل الزكاة للعباس بن الوليد الذي كان له دار تساوي أربعة آلاف درهم وجارية وغلام يستقي على الجمل كل يوم ما بين الدرهمين إلى الأربعة فلا حظ ويشهد له ما رواه الكليني في الصحيح عن عمر بن أذينة عن غير واحد عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام أنهما سئلا عن الرجل له دار أو خادم أو عبد أيقبل الزكاة قال نعم إن الدار والخادم ليسا بمال إلى غير ذلك من الروايات الدالة عليه مضافا إلى ما أشرنا إليه من عدم الخروج بملك هذه الأشياء لدى احتياجه إليها عن حد الفقر ما لم يكن زائدا عن مقدار حاجته ولو بملاحظة عزه وشرفه كما أشير إليه في خبر عبد العزيز المتقدم هذا وفي المدارك قال لو كانت دار السكنى تزيد عن حاجته بحيث تكفيه قيمة الزيادة حولا وأمكنه بيعها منفردة فالأظهر خروجه بذلك عن حد الفقر أما لو كانت حاجته تندفع بأقل منها قيمة فالأظهر أنه لا يكلف بيعها وشراء الأدون لاطلاق النص ولما في التكليف به من العسر والمشقة وبه قطع العلامة في التذكرة ثم قال وكذا الكلام في العبد والفرس ولو فقدت هذه المذكورات استثنى له أثمانها مع الحاجة إليها ولا يبعد الحاق ما يحتاج إليه في التزويج بذلك مع حاجته إليه إنتهى وهو جيد ولكن ما ذكره في صورة زيادة دار سكناه عن حاجته إنما يتجه فيما إذا كان الزائد عن حاجته بحكم مال مستقل خارج عن محل سكناه وإلا فالغالب عدم احتياج صاحب الدار إلى مساكنها وبيوتاتها وتمكنه من الاقتصار في تعيشه على نصف هذه الدار وبيع نصفها الاخر ولكن العرف يرى مجموعها دار سكناه التي لا غنى به عنها ودلت النصوص والفتاوى على استثنائها كما أن ما ذكره من استثناء أثمان الدار وغيرها مما يحتاج إليه إنما يتجه فيما إذا لم ترتفع حاجته إلا بالشراء وإلا فلو قدر على الاستيجار مثلا ولم يكن ذلك منافيا لعزه وشرفه وكان واجدا لما يفي بمؤنة سنة وأجرة ما يحتاج إليه من المسكن والخادم ونحوهما فهو غني لا يحل له الصدقة وقياس ثمن الدار التي لا ينحصر رفع الحاجة في شرائها على دار سكناه التي هي بالفعل محل حاجته قياس مع الفارق كما يعرف ذلك بالالتفات إلى ما ذكروه في باب الاستطاعة من الحج فلا حظ ولو أدعى الفقر فان عرف صدقة أو كذبه عومل بما عرف منه كما هو واضح ولو جهل الامر إن أعطي من غير يمين سواء كان قويا أو ضعيفا على المشهور بل في الجواهر بلا خلاف معتد به أجده بل في المدارك هو المعروف من مذهب الأصحاب بل عن ظاهر المصنف في المعتبر والعلامة في كتبه الثلاثة إنه موضع وفاق ولكن حكي عن الشيخ في المبسوط إنه قال لو ادعى القوي الحاجة إلى الصدقة لأجل عياله ففيه قولان أحدهما يقبل قوله بلا بينة لأنه لا يتعذر وهذا هو الأحوط قال العلامة في محكي المختلف الظاهر أن مراد الشيخ بالقائل من الجمهور وكيف كان فقد استدل المصنف (ره) لقبول قوله في المعتبر على ما حكي عنه بأنه مسلم أدعى أمرا ممكنا ولم يظهر ما ينافي دعواه فكان قوله مقبولا ومرجع هذا الدليل إلى دعوى حجية قول المدعي بلا معارض وهو على إطلاقه بحيث يتناول مثل المقام ونظائره من الأمانات التي هي بالفعل في يد من هو مكلف بإيصاله إلى صاحبه محل نظر بل منع ومن هنا يظهر ضعف الاستشهاد للمدعي بخبر منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه السلام قال قلت عشر كانوا جلوسا وفي وسطهم كيس فيه ألف درهم فسئل بعضهم بعضا ألكم هذا الكيس فقالوا كلهم لا وقال واحد هو لي فلمن هو قال للذي ادعاه إذ لا يقاس ما نحن فيه بمسألة الكيس الذي لا يد لاحد عليه بالفعل ولا هو مضمون على أحد وعن العلامة في المنتهى إنه استدل عليه بأنه أدعى ما يوافق الأصل وهو عدم المال وبأن الأصل عدالة المسلم فكأن قوله مقبولا وفيه أن كون ما يدعيه موافقا للأصل مع أنه غير مطرد إنما يجدي في مقام الترافع لا في حجية قوله بحيث يصح الاعتماد عليه في الخروج عن عهدة حق الفقير الذي هو ملتزم بإيصاله إليه وأما ما قيل من أن الأصل عدالة المسلم ففيه ما لا يخفى بعد ما تقرر في محله من أن العدالة صفة وجودية تحتاج إلى سبب ولا يكفي في تحققها مجرد ظهور الاسلام مع عدم تبين الفسق نعم لو ادعى إن الأصل قبول قول المسلم وأريد منه القاعدة المستفادة من بعض الروايات الامرة بحمل فعل المسلم على أحسنه وعدم اتهامه بسوء وتصديقه فيما يقول فله وجه وإن كان الأوجه قصور مثل هذه الأخبار عن إفادة المدعى كما تقرر في الأصول وعمدة ما يصح الاعتماد عليه في إثبات المدعى هي أن أخبار الشخص بفقره أو غناه كأخباره بسائر حالاته من الصحة والمرض معتبر عرفا وشرعا وإلا فلا طريق لتعرف حاجة المحاجين في الغالب سوى إخبارهم فلو لم يقبل دعوى الفقر من أهله لتعذر عليه غالبا إقامة البينة عليه أو إثباته بطريق آخر غيرها إذ الاطلاع على فقر الغير وعدم كونه مالكا لما يفي بمؤنته من غير استكشافه من ظاهر حال مدعيه أو مقاله في الغالب من قبيل علم الغيب الذي لا يعلمه إلا الله فلو بني على الاقتصار في صرف الزكاة وساير الحقوق التي جعلها الله للفقراء على من ثبت فقره بطريق علمي أو ما قام مقامه من بينة وشبهها لبقى جل الفقراء والمساكين الذين شرع لهم الزكاة محرومين عن حقوقهم وهو مناف لما هو المقصور من شرعها بل لا ينسبق عرفا من الامر بصرف المال إلى الفقراء في باب الأوقاف والنذور ونظائرها الا إرادة صرفه فيمن يظهر من حاله أو مقاله دعوى الفقر كأرباب السؤال ونظائرهم لا على أن يكون لدعوى الفقر من حيث هي اعتبار في أصل الاستحقاق بحيث لو كانت مخالفة للواقع لكان المال حلالا له بل من حيث الطريقية ولذا استقرت السيرة خلفا عن سلف على صرف الصدقات فيمن يدعي الاستحقاق من غير مطالبته بالبينة وكفاك شاهدا على ذلك الآثار الحاكية للقضايا الصادرة عن الأئمة عليهم السلام في صدقاتهم مثل خبر عبد الرحمن العرزمي المروي عن الكافي عن أبي عبد الله (ع) قال جاء رجل إلى الحسن و الحسين عليهما السلام وهما جالسان على الضفاف فسألهما فقالا إن الصدقة لا تحل الا في دين موجع أو غرم مقطع أو فقر مدقع ففيك شئ من هذا قال نعم فأعطياه وقد
(٩١)