فالمقصود بهذا الشرط بيان اعتبار كون ما يتعلق به الزكاة حاصلا في ملكه وقد عبر كثير منهم عن ذلك بأن يكون نموها في ملكه فعن المصنف في المعتبر قال لا تجب الزكاة في الغلات الا إذا نمت في الملك فلا تثبت فيما يبتاع ولا ما يستوهب وعليه اتفاق العلماء وعن المنتهى أنه قال لا تجب الزكاة في الغلات الأربع إلا إذا نمت في ملكه فلو ابتاع غلة أو استوهب أو ورث بعد بدو الصلاح لم تجب الزكاة و هو قول العلماء كافة ولكن في المدارك ناقش في هذا التعبير بأنه غير جيد أما على ما ذهب إليه المصنف من عدم وجوب الزكاة في الغلات إلا بعد تسميتها حنطة أو شعير أو تمرا أو زبيبا فظاهر لان تملكها قبل ذلك كاف في تعلق الزكاة بالتملك كما سيصرح به المصنف (ره) وإن لم ينم في ملكه وأما على القول بتعلق الوجوب بيد والصلاح فلان الثمرة إذا انتقلت بعد ذلك يكون زكاتها على الناقل قطعا وإن نمت في ملك المنتقل إليه وكان الأوضح جعل الشرط كونها مملوكة وقت بلوغها الحد الذي يتعلق به الزكاة كما اقتضاه صريح كلام الفريقين انتهى أقول الظاهر عدم الخلاف في اشتراط تعلق الزكاة في الغلات بنموها في ملكه وعدم كفاية ملكيتها حال التجفيف بحيث لو اشترى عنبا أو رطبا من السوق وجففهما فصار خمسة أو ساق زبيبا أو تمرا لوجب عليه زكاته فإن هذا مما لا يظن بأحد الالتزام به خصوصا فيما إذا لم يكن العنب أو الرطب الذي اشتراه على تقدير بقائه على ملك مالكه متعلقا للزكاة بأن كان العنب الذي اشتراه ملكا لصغير أو مملوكا لأشخاص لم يكن يبلغ نصيب كل منهم حد النصاب وليس في عبارة المصنف الآتية تصريح بل ولا ظهور في كفاية تملكها قبل الاتصاف بالزبيبية والتمرية في تعلق الزكاة بالمتملك وإنما صرح بنفيها على المالك لو أخرجها عن ملكه قبل ذلك حيث قال في مسألة ما لو اشترى نخلا أو ثمرته بعد بدو صلاحها بعد أن حكم أولا بأن زكاتها على البايع كما هو المشهور ما لفظه والأولى الاعتبار بكونه تمرا لتعلق الزكاة بما يسمى تمرا لا بما يسمى بسرا ولا دلالة في هذا الكلام إلا على نفي وجوبها على المالك لو لم تبق في ملكه إلى زمان صيرورتها تمر لا على ثبوتها على من ملكها في هذا الحين ثم أن المراد بنموها في ملكه هو نموها إلى إن يندرج في الموضوع الذي يتعلق به الزكاة لا مطلق النمو في الملك بحيث يعم النمو الحاصل له بعد زمان تعلق الوجوب حتى يتوجه بذلك الاشكال على المشهور وكيف كان فمنشأ اعتبار هذا الشرط مع الغض عن الاجماع ظهور ما دل على وجوب الزكاة في الغلات في إيجابها على ما نمت الغلات في ملكه وليس في شئ من أدلتها إطلاق أو عموم بحيث يتناول ما لو ملك شيئا منها بسبب آخر غير التنمية كما لا يخفى على من لاحظها بل لو لم يكن الاجماع لاشكل استفادة كفاية ملكية الثمرة من حيث بدو صلاحها الذي فسروه بالاصفرار والاحمرار في تعلق الزكاة بها على من انتقلت إليه في هذا الحين حيث أن معظم نمائها قد حصل في ملك الغير فيخرج بذلك عن منصرف أدلتها فليتأمل وكيف كان فلا ينبغي الارتياب في اشتراط النماء في الملك وعدم كفاية الملكية حال التجفيف الذي يتحقق به التسمية ولو قلنا بعدم تعلق الوجوب إلا بعد الجفاف والله العالم ويزكي حاصل الزرع أي الغلات في ملك من حصلت في ملكه على تقدير جامعيتها للشرائط ثم لا يجب بعد ذلك فيه زكاة ولو بقي أحوالا إجماعا ونصوصا كما في الجواهر وغيره ومن جملة الروايات المصرحة بذلك ما عن الكليني والشيخ في الصحيح أو الحسن عن زرارة وعبيد الله عن أبي عبد الله عليه السلام قال أيما رجل كان له حرث أو ثمرة فصدقها فليس عليه فيه شئ وإن حال عليه الحول عنده إلا إن يحول ما لا فإن فعل ذلك فحال عليه الحول عنده فعليه أن يزكيه وإلا فلا شئ عليه وإن ثبت ذلك ألف عام إذا كان بعينه قائما وإنما عليه فيها صدقة العشر فإذا أداها مرة واحدة فلا شئ عليه فيها حتى يحول مالا ويحول عليه الحول وهو عنده ولا تجب الزكاة إلا بعد إخراج حصة السلطان بلا نقل خلاف فيه بل عن الخلاف وغيره دعوى الاجماع عليه وعن المصنف في المعتبر إنه قال إخراج الأرض يخرج وسطا ويؤدي زكاة ما بقي إذا بلغ نصابا إذا كان لمسلم وعليه فقهائنا وأكثر علماء الاسلام وقال أبو حنيفة لا عشر في الأرض الخراجية انتهى والمراد بحصة السلطان هاهنا بحسب الظاهر مطلق الخراج الذي وضعها السلطان على الأرض سواء كان بحصة من حاصلها التي يسمى في عرف الفقهاء بالمقاسمة أم بغيرها كما حكي عن غير واحد التصريح بذلك ففي الحدائق قال لا خلاف بين الأصحاب رضوان الله عليهم في استثناء حصة السلطان والمراد بها ما يجعله على الأرض الخراجية من الدراهم ويسمى خراجا أو حصة من الحاصل ويسمى مقاسمة وفي المسالك قال المراد بحصة السلطان ما يأخذه على الأرض على وجه الخراج أو الأجرة ولو بالمقاسمة وعن جامع المقاصد المراد بحصة السلطان خراج الأرض و قسمتها أو ربما يؤيد ذلك ما عن بعض الأصحاب أنه غير هاهنا بالخراج بدل الحصة وعن آخر انه عبر بهما فقال بعد الخراج وحصة السلطان إلى غير ذلك من كلماتهم المفصحة عن ذلك ولكن في التذكرة قال لو ضرب الامام على الأرض الخراج من غير حصة فالأقرب وجوب الزكاة في الجميع لأنه كالدين انتهى وفي الجواهر بعد نقل هذه العبارة عن التذكرة أورد عليها بقوله وهو كما ترى محجوج بظاهر النص والفتوى ولا أقل من أن يكون الخراج كأجرة الأرض التي لا كلام عندهم في أنها من المؤن انتهى واستدل للمدعي مضافا إلى الاجماع المستفيض نقله بصحيحة أبي بصير ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام أنهما قالا له هذه الأرض التي يزارع أهلها ما ترى فيها فقال كل أرض دفعها إليك السلطان فما حرثته فيها فعليك فيما أخرج الله منها الذي قاطعك عليه وليس على جميع ما أخرج الله منها العشر إنما عليك العشر فيما يحصل في يدك بعد مقاسمته لك وفي بعض النسخ فتاجرته بدل فما حرثته وخبر صفوان والبزنطي قالا ذكرنا له الكوفة وما وضع عليها من الخراج وما سار فيها أهل بيته فقال من أسلم طوعا تركت أرضه في يده وأخذ منه العشر مما سقت السماء و الأنهار ونصف العشر مما كان بالرشاء فيما عمروه منها وما لم يعمروه منها أخذه الامام فقبله ممن يعمره وكان للمسلمين وعلى المتقبلين في حصصهم العشر ونصف العشر وليس في أقل من خمسة أو ساق شئ من الزكاة وما أخذ بالسيف فذلك إلى الامام يقبله بالذي يرى كما صنع رسول الله صلى الله عليه وآله بخيبر قبل سوادها و بياضها يعني أرضها ونخلها والناس يقولون لا يصلح قبالة الأرض والنخل وقد قبل رسول الله صلى الله عليه وآله خيبر على المتقبلين سوى قبالة الأرض العشر ونصف العشر في حصصهم ثم قال إن أهل الطائف أسلموا وجعلوا عليهم العشر ونصف العشر و إن أهل مكة دخلها رسول الله صلى الله عليه وآله عنوة وكانوا أسراء في يده فأعتقهم فقال اذهبوا فأنتم الطلقاء وهاتان الروايتان صريحتان في إخراج الخراج قبل الزكاة ولكن قد يستشعر من ألفاظ الخبرين كقوله (ع) في الخبر الأول بعد مقاسمته لك وقوع التعبير
(٦٣)