يتصرف في ماله هذا النحو من التصرف الذي يكون غالبا خلاف مصلحته نعم ما عينه للزكاة إن كان بجعل نفسه في زكاة ماله حيث أن لا يخرج بذلك عن ملكه حتى يصل إلى الفقير أو وليه جاز له أن يشتري بذلك الشئ شيئا آخر ويقسمه على الفقراء بعنوان تأدية الزكاة بقيمتها من هذا الجنس من ماله ولا ملازمة بين الرخصة في ذلك وبين الرخصة في أن يشتري من الزكاة ذلك الشئ ويقسمه عليهم وكون الشراء بذلك المعين ما لم يخرج عن ملكه بوصوله إلى الفقير مرجعه إلى ذلك غير مجد في الرخصة في إيقاعه بهذه الوجه كما لا يخفى أن قلت أن الخبر المروي عن قرب الإسناد قد دل على جواز إيقاعه بهذا الوجه أي بأن يشتري من المال الذي عينه للزكاة ثيابا أو طعاما ونحوه قلت نعم ولكن في الموارد التي يرى إن ذلك أصلح لهم لا مطلقا فيستفاد منه جواز إخراج القيمة في مثل الفرض بالفحوى وفي غيره بعدم القول بالفصل فليتأمل وكيف كان فالرواية بعد تطرق هذه الاحتمالات لا تصلح دليلا لاثبات مذهب الخصم في مقابل ما عرفت والله العالم ثم أن المراد بالقيمة القيمة وقت الاخراج لأنه وقت الانتقال إليها وقال العلامة في التذكرة إنما يعتبر القيمة وقت الاخراج إن لم يقوم الزكاة على نفسه فلو قومها وضمن القيمة ثم زاد السوق أو انخفض قبل الاخراج فالوجه وجوزنا يضمنه خاصه دون الزائد والناقص وإن كان قد فرط بالتأخير حتى انخفض السوق أو أرتفع أما لو لم يقوم ثم أرتفع السوق أو انخفض أخرج القيمة وقت الاخراج إنتهى وفي المدارك بعد نقل هذا الكلام قال وفي تعين القيمة بمجرد التقويم نظر إنتهى وهو في محله وما يقال في توجيه مذهب العلامة من أنه بالضمان يستقر القيمة في الذمة ولذا يجوز للمالك التصرف في مجموع النصاب نعم لو لم يف بالضمان ولم يؤد ما ضمن رجع الساعي إلى العين فسقوطها متزلزل لا يستقر إلا بالابراء والحاصل أن التقويم إذا كان جائزا والضمان صحيحا فمقتضاه اشتغال الذمة بالقيمة في وقت التقويم والضمان وفيه أنه لا دليل على جواز التقويم وصحة الضمان بالمعنى المزبور وإنما الثابت بالنص والاجماع جواز تأدية الزكاة بالقيمة السوقية وهذا لا يقتضي إلا جواز إخراج القيمة حال التأدية وأما الضمان المسوغ للتصرف في مجموع النصاب فليس معناه الالتزام بدفع ما هي قيمة لها في ذلك الوقت بل الالتزام بتأديتها على ما شرعت أي إخراج الفريضة أو قيمتها من مال آخر وليس معنى تعلق الزكاة بالعين كون شخص معين أو مردد فيما بين النصاب ملكا للفقير كي يصح أن يقال أنه لا معنى لتعهده بأدائها من مال آخر إلا الالتزام بدفع بدلها وهو في الانعام التي هي من القيميات لا يكون إلا بالالتزام بدفع قيمتها بل هو معنى لا ينافيه وقوع كل ما يندرج في مسمى فريضة ذلك النصاب إذا دفعه إلى الفقير مصداقا له كما سنوضحه مع إنا لا نسلم اقتضاء الضمان في مثل المقام استقرار القيمة في الذمة إذ المدار في باب الضمان على مراعاة ما هو الأقرب فالأقرب إلى التالف كما تقرر في محله وحيث أنه لا يستحق الفقير في هذا المال إلا ما يقع مصداقا لابنة مخاض مثلا فما يقع مصداقا لهذا المفهوم إذا لم نقل بكونه لدى دفعه إلى الفقير عين حقه فلا أقل من كونه أقرب إليه من قيمتها كما هو واضح فتلخص ما ذكر أن الأظهر اعتبار قيمتها حال الاخراج أي حال صرفها إلى مصرفها أو إيصالها إلى من له الولاية على قبضها ويحكمه العزل لو قلنا بأن له الولاية على ذلك بحيث يصير بالعزل ملكا لمستحق الزكاة وتبقى تحت يده أمانة من باب الحسية ولكنك ستعرف أن إثبات هذا النحو من الولاية له لا يخلو من إشكال والشاة التي تؤخذ في الزكاة فريضة في الغنم والإبل أو جبرا لدى تفاوت أسنان الإبل قيل أقلها الجذع من الضأن والثني من المعز بل هذا هو المشهور كما ادعاه غير واحد بل في الرياض ليس فيه مخالف يعرف بل عن الغنية والخلاف دعوى الاجماع عليه وقيل ما يسمى شاة ولكن في مفتاح الكرامة قال قد أعترف جماعة بعدم معرفة قائله يعني فيما بين القدماء وإلا فقد حكى عن جماعة من المتأخرين الميل إليه أو القول به بل في الحدائق بعد أن نسب القول الأول إلى المشهور ونقل عن الخلاف دعوى الاجماع عليه قال وقيل بأنه ما يسمى شاة وهو الأصح وإليه ذهب جملة من أفاضل متأخري المتأخرين عملا بإطلاق الأخبار المتقدمة في نصب الغنم ثم قال واستدل على المشهور كما ذكره في المعتبر بما رواه سويد بن غفلة قال أتانا مصدق رسول الله صلى الله عليه وآله وقال نهينا أن نأخذ المراضع وأمرنا أن نأخذ الجذعة والثنية ثم قال والظاهر أن الخبر المذكور عامي فإنه غير موجود في أصولنا إنتهى وأجيب عما ذكرناه طعنا في سند الخبر المزبور بأنه وإن لم يكن مرويا في كتب أخبار الامامية ولكن تدوينه في كتبهم الاستدلالية على وجه الاستناد إليه بمنزلة تدوينه في كتب أخبارهم بل أبلغ في الدلالة على الوثوق والاعتماد عليه وهو كاف في جبر سنده خصوصا في مثل هذا الفرع الذي قد يحصل من نفس الشهرة والجزم بوصول خبر إليهم بهذا المضمون عن المعصوم ولكن قد يشكل ذلك بأنه لو كان مستند المشهور هذا الخبر لكانوا يعتبرون الأنوثة مع أنه ليس في الرواية دلالة على أرادته في الغنم فلعل موردها البقر والبعير ولكن في موضع من التذكرة أرسل عن سويد بن غفلة إنه قال أتانا مصدق رسول الله صلى الله عليه وآله فقال أمرنا أن نأخذ الجذع من الضأن والثني من المعز فلا قصور حينئذ في دلالته واستدل له أيضا بما عن غوالي اللئالي مرسلا أنه صلى الله عليه وآله أمر عامله بأن يأخذ من الضان الجذغ ومن المعز الثني قال ووجد ذلك في كتاب علي (ع) وضعف سندها مجبور بما عرفت فلا ينبغي الاستشكال بعد اشتهاره بين الأصحاب وورود مثل هذه الأخبار فيه إذ لا يبقى معها مجال للتشكيك في كونه مأخوذا عن أصل معتمد هذا مع أن إطلاق الشاة على ما دون الجذع محل تأمل ولا أقل من انصراف أطلاقها عنه وقد ظهر بما ذكر أن القول الأول أظهر مع أنه أحوط ولكن الشأن في تحقيق مفهوم الجذع والثني فقد اختلفت كلمات الفقهاء واللغويين في تفسيرهما فعن كثير من الفقهاء أن المراد بالجذع من الضأن ما كمل له سبعة أشهر والثني من المعز ما كملت له سنة بل عن غير واحد نسبته إلى المشهور بل عن بعض محشي الروضة أنه لا يعرف قولا غيره وفي المسالك بعد أن فسر الجذع من الضأن بما كمل سنة سبعة أشهر إلى أن يستكمل سنة قال وقيل إنما يجذع ابن سبعة أشهر إذا كان أبواه شابين وإذا كانا هرمين لم يجذع حتى يستكمل ثمانية أشهر أقول ويظهر من العلامة في التذكرة في هذا الباب اختيار هذا القول حيث أنه اقتصر في تفسيره على نقل هذا الكلام عن ابن الاعرابي كما أن ظاهره في هذا الباب أن الثني من المعز ما دخل في الثالثة ولكنه ذكر في باب الهدي أن الثني من البقر والمعز ماله سنة ودخل في الثانية وقال وجذع الضان ما له ستة أشهر وفي مجمع البحرين نقل عن المغرب أنه قال الجذع من المعز لسنة ومن الضان الثمانية أشهر وعن حياة الحيوان الجذع من الضأن ما له سنة تامة ثم قال هذا هو الصحيح عند أصحابنا وهو الأشهر عند أهل اللغة وغيرهم وقيل ماله ستة أشهر وقيل سبعة و
(٤٠)