لا إلى العامل كما نسبه في الحدائق إلى الأصحاب إذ ليس للعامل أن يتعدى عن الحدود الشرعية ويوجب عليه ما لم يعينه الشارع عليه نعم لو دفع الاعلى ورد إليه المصدق شاتين أو عشرين درهما ليس له الامتناع من القبول ومطالبة الفرد الآخر إذ لم يجعل الشارع التخيير في ذلك به بل للمصدق حيث قال يدفع إليه المصدق هذا أو هذا نعم للمالك أن لا يقبل منه ذلك حينئذ ويتكلف في تحصيل أصل الفريضة أو بدلها الأدنى ويدفعه إليه مع شاتين أو عشرين درهما ولا يلاحظ في جبر تفاوت الأسنان بدفع شاتين أو عشرين درهما مع البدل إلى العامل أو أخذهما منه القيمة السوقية بل هذا الحكم ثابت مطلقا سواء كانت القيمة السوقية مساوية لذلك وناقصة عنه أو زائدة عليه كما صرح به غير واحد بل في الجواهر لا أجد فيه خلافا لاطلاق الدليل نعم أستشكل الفاضل والكركي وثاني الشهيدين وسبطه وبعض من تأخر عنهم فيما إذا أنقصت قيمة ما يدفعه المالك عن الشاتين أو العشرين درهما الذي يأخذه من العامل أو مساوية له من إطلاق النص ومن أنه كأنه لم يؤد شيئا بل أستوجبه سيد المدارك والمحقق البهبهاني في شرحه عدم الاجزاء حملا للرواية على ما هو المتعارف والغالب في ذلك الزمان أقول لا ينبغي الارتياب في عدم إرادة مثل هذا الفرض من إطلاق الدليل لان الزكاة شرعت صلة للفقير لا إضرارا به فكيف يجوز أن يستحق المالك بدفع الزكاة إلى الفقير ما يساوي قيمة المدفوع أو يزيد عليها بأن يدفع عليها بنت لبون قيمتها خمسة عشر درهما ويستحق العشرين من مال الفقير تداركا للتفاوت الذي يستحقه المالك بدفع الاعلى فهذه قرينة عقلية صارفة للاطلاق وعن مثله جزما بل قد يشكل شمول النص لما إذا كانت الأدنى أو الاعلى مساوية في القيمة للفريضة فإن إطلاق النصوص جار مجرى العرف والعادة دون مثل هذه الفروض الاتفاقية الغير المناسبة للاطلاق فالأظهر قصور النص والفتوى عن شمول مثل هذا الفرض أيضا فيرجع في أخذ البدل إلى القيمة السوقية كما في الفرض الآتي ولو تفاوتت الأسنان بأزيد من درجة واحدة بأن كان ما عنده من الإبل فوق الفريضة أو دونها بدرجتين فصاعدا لم يتضاعف التقدير الشرعي ورجع في التقاص إلى القيمة السوقية على الأظهر الأشهر بل المشهور على ما في الجواهر وغيره بل في المدارك قال وبذلك قطع المصنف (ره) في المعتبر من غير نقل خلاف في ذلك لاحد من الأصحاب اقتصارا في الحكم المخالف للقواعد والعمومات على مورد النص وحكى عن الشيخ في المبسوط والعلامة في بعض كتبه القول بجواز الانتقال إلى الأدنى والأعلى مع تضاعف الجبران بأن يدفع بنت المخاض مثلا وأربع شياه عن حقة أو مع ستة عن جذعة أو يدفع الحقة والجذعة عن بنت المخاض ويأخذ أربع شياه أو ست شياه لان كل سن من الأسنان مساو لما قبله مع الجبر بشاتين ومساو المساوي مساو فتكون بنت المخاض مع أربع شياه أو أربعين درهما مساوية للحقة ومع ست شياه أو ستين درهما مساوية للجذعة وفيه أن قياس مع الفارق فإن التقدير الشرعي مبني على المسامحة وعدم اعتداد الشارع بالاختلاف اليسير الحاصل غالبا بين قيمة الفريضة وما دونها بمرتبة مع شاتين أو عشرين درهما وما فوقها بمرتبة مع أخذ شاتين وعشرين درهما لحكمة مقتضية لشرع هذا الحكم فكيف يجوز التعدي عن مورده إلى ما إذا تفاوتت بدرجتين فصاعدا وصار الاختلاف اليسير كثيرا ولقد أجاد في محكى السرائر حيث أنه بعد أن حكى عن بعض أصحابنا أنه إن كان بينهما درجتان فأربع شياه وإن كانت ثلث درج فست شياه أو ما في مقابلة ذلك من الدراهم قال وهذا ضرب من الاعتبار و القياس والمنصوص من الأئمة والمتداول من الأقوال والفتيا بين أصحابنا إن هذا الحكم فيما يلي السن الواجبة من الدرج دون ما بعد عنها وكذا رجع في التقاص إلى القيمة السوقية إذا كان ما عنده ما فوق الجذع من الأسنان كالثني والرباع فلا يجزي ذلك عن الجذع ولا ما دونه من أخذ الجبران أي الشاتين والعشرين درهما بلا نقل خلاف فيه بل عن البيان الاجماع عليه اقتصارا في أجزاء غير الفرض عنه على مورد النص وفي أجزاء ما فوق الأسنان عن أحد الأسنان الواجبة من غير جبر وجهان من خروجه عن مورد النص ومن إمكان دعوى استفادته من النص بالفحوى بدعوى أن المنساق من قوله عليه السلام فإذا بلغت ستا وثلثين ففيها بنت لبون أو ستا وأربعين ففيها حقة إنما هو إرادة ما بلغت هذا السن في مقابل ما لم تبلغ لا ما تجاوزت عنها فتكون الفريضة المنصوص عليها من باب كونها أدنى ما يجزي لا كونها بخصوصها مرادة من النص أو بدعوى استفادته من النص من باب الأولوية فإن الاعلى سنا أصلح للفقير لكونه أعلى قيمة وأعظم نفعا وفيه أنه إذا كانت أعلى قيمة وأعظم نفعا فهي مجزية بملاحظة القيمة إن قلنا بجواز الاخراج من غير جنس الفريضة بالقيمة السوقية كما أنه إذا فرض كون الأدنى أيضا كذلك ولو باعتبار كونه سمينة كانت أيضا مجزية بهذه الملاحظة وهذا خارج عن محل الكلام إذ الكلام في كون الاعلى سنا مجزية من حيث كون كذلك تعبدا وإن لم تكن على قيمة وهذا مما لم يعلم أولويته و أما دعوى استفادته من النص بتنزيله على بيان أدنى ما يجزي فهي قابلة للمنع وكيف لا وإلا لكان الا على بدرجة من أفضل مصاديق الفريضة الواجبة فلم يكن يستحق بدفعه إلى الفقير قيمة التفاوت الذي قدره الشارع بشاتين أو عشرين درهما فالأوجه عدم أجزاء ما فوق الأسنان عن الفريضة الواجبة إلا بملاحظة القيمة السوقية إن جوزناه نعم قد يتجه الاجزاء بدفع الاعلى بدرجة بلا جبر في الموارد التي ثبت جوازه مع الجبر كما إذا كانت الفريضة بنت مخاض فدفع بنت لبون من غير أن يأخذ التفاوت للأولوية القطعية ولان أخذ التفاوت حق للمالك فله أسقاطه وقد حكى عن الشهيد في الدروس والبيان القول بأن فرض كل نصاب أعلى يجزي عن الأدنى وزاد في الأول وفي أجزاء البعير عن الشاة فصاعدا لا بالقيمة وجهان قلت وقد عرفت أن الأوجه عدمه لخروجه عن المنصوص كما أنك عرفت إن المتجه الاقتصار في الاجزاء بدفع الفريضة الاعلى للأدنى لا بملاحظة القيمة بالموارد التي دل الدليل على جوازه مع الجبر لا مطلقا فلا يجزي بنت مخاض عن خمس شياه التي هي فريضة خمس وعشرين إلا بالقيمة ودعوى استفادة كفاية الفريضة إلا عن الأدنى من النص بالأولوية وتنقيح المناط غير مسموعة في الاحكام التعبدية خصوصا بعد الالتفات إلى ما ورد في قضية أبان من الروع عن العمل بمثل هذه الأولوية التي هاهنا حيث استعملها في دية أصابع المرأة فلم يذعن لأجلها بما بلغه في ديتها من أنها إذا قطعت منها أربعا فديتها عشرون وإذا قطعت ثلاثا فثلاثون فلاحظ وكذا ما عدا أسنان الإبل فلا يجزي في شئ منها عن فريضتها ما دونها أو ما فوقها مع الجبر أو بدونها إلا بملاحظة القيمة السوقية لخروجها عن مورد النص والله العالم. المقصد الثالث في أسنان الفرائض: بنت المخاض هي التي لها سنة ودخلت في الثانية أي أمها ماخض بمعنى حامل عن الجوهري المخاض وجع الولادة والمخاض أيضا الحوامل من النوق واحدتها خلفة ولا واحد لها من لفظها ومنه قيل للفصيل إذا أستكمل الحول ودخل في الثانية ابن مخاض و الأنثى ابنة مخاض لأنه فصل عن أمه وألحقت أمه بالمخالف
(٣٧)